Shakira

مجموعة قصص قصيرة نشر معظمها في جسد الثقافة مابين 2003-2005

الثلاثاء، جمادى الأولى ٠٣، ١٤٢٧

المصعَد








- إنها المرة الحادية عشر وأنت تتصلين بمكتبنا خلال شهر يا سيدتي ، أخبرتك مرارا أن
المصعد يحتاج الى قطعة غيار .
- ومتى ستأتي مؤسستكم بقطعة الغيار ؟ الناس هنا يكابدون العناء عند صعود السلالم .
هناك سيدة مسنة تسكن في الطابق الرابع . ربما تحتاجه غدا أو بعد غد ، فهي تنزل من
شقتها مرة كل شهر لتعمل الفحوصات في المستشفى و تشتري الدواء . كما أن أماً تسكن في
الطابق الثالث ولديها طفلين توأمين تحملهما معها الى الحضانة صباحا وتعود بهما في
المساء . وهناك في الطابق الثاني خادمة تهبط يوميا بعبوة قمامة كبيرة تلقيها في الحاوية
الكبيرة في الشارع وتعود .
أخذ صبره ينفذ فقاطعها : لا اعرف إذا كان من حقك أن تعرفي أم لا . ولكن صاحب البناية لم
يسدد قيمة فاتورة قطعة الغيار بعد ، ونحن نبذل جهدنا و نتصل ببيته فيقولون أنه مسافر.
- و كم قيمة فاتورة قطعة الغيار ؟
- ولماذا تسألين؟ سألها في ضيق .
- أستطيع أن أسددها ريثما يعود صاحب البناية من السفر.
توقف مهلة عن الرد على مكالمتها ريثما يستوعب الأمر ثم قلب سماعة الهاتف إلى أذنه
الأخرى وأجاب:
- حسنا . ستكون الفاتورة عندك خلال نصف ساعة ، أستطيع إرسالها إليك مع العامل ، في
أي طابق تسكنين سيدتي ؟
- أنت رجل كريم وسيكافئك الله على ذلك .
شعر بقليل من الراحة فتنفس الصعداء وقال :
- لم تخبريني في أي طابق تسكنين .
- لن يشق على عاملكم الأمر . أنا أسكن في الطابق الأرضي !



* نُشرت قبل مدة في جسد الثقافة
__________________

© شاكي Shaki


الاثنين، شوال ١٢، ١٤٢٦

عيد أمّي








التقيت بزياد على السلالم و أنا في طريقي لأمي وبيدي الهدية التي غلفتها لأجلها بعناية . كان
شقيقي قد جاء الينا من غربته ليحتفل معنا بعيد الأم كعادتنا منذ أن مات أبي ، وكنت قد
أمضيت ليلتين بحثا عن هدية تناسب ذوق أمي ، فهي لا تتقبل هدايانا أنا
و شقيقتي بسهولة ، بل وتنتقد كل ما نقدمه إليها أمام زوجة زياد دون مراعاة لمشاعرنا .
تذكرت أنها قد امتدحت الطقم الصيني الذي رأيناه معا في المتجر الكبير قبل شهرين ،
وكان هذا بمثابة منجم ذهب بعد أن أضناني البحث ليلتين كاملتين عن هدية تليق بها .

أخذت نظرات زياد تتفحص الهدية المغلفة وكأنه يتوق لمعرفة ما بداخلها . لكن هذا لن يحدث
قبل أن أقبل رأسها ويديها ثم أناولها هديتي . إلا أنني حرصا على أن لا أخيب رجاءه أسررت
له عن محتويات المغلف ، وكيف توصلت اليه ، فغبطني وقال ممازحا : لو كنت أعرف لطلبت
منك أن تشتري هديتي لها. كنت مشغولا فلم أتمكن من شرائها ، فطلبت من لميس أن تفعل
ذلك .
- اها . كم أعطيتها ؟
- ألفي ريال .
قلت بعد أن أطلقت صفيرا حادا : أعرف كم هو صعب اختيار الهدايا ، لكن أي هدية بهذا
الثمن لابد أن تكون جميلة .

في مخدع أمي كنا مجتمعين ثلاثتنا مع أبنائنا فقط ، فلم تسمح بدخول زوجي أو زوج
شقيقتي اكراما لزوجة زياد . كنا نقبل رأسها و كفيها ونناولها الهدايا ونتمنى لها عيدا
سعيدا . أما زوجة زياد فقد تصدرت مجلسنا كطاووس حتى أنها لم تكلف نفسها القيام
لمصافحتي أنا وشقيقتي واكتفت بابتسامة باردة من بعيد.
و بدأ صبيتي بالسلام على جدتهم وتقبيل يدها ، ثم تلاهم صبية شقيقتي ، ثم صبية شقيقي
بالتناوب وهي تبتسم للجميع في سعادة . لم أقاوم لهفتي في تقديم هديتي تكفيرا عن هدية
العيد السابق ، فقد أهديتها غطاء سرير من الدانتيل ، كلفني 500 ريال ، لكنها لم تشعر
نحوه بالميل مطلقا ، علمت بذلك عندما أهدته لعمتي في الصيف ، إلا أنه سرعان ما قفزت
لميس الى سريرها لتقدم هديتها التي أصابتني بالخرس . لم أصدق أن اناء خزفيا كالذي رأيته
عند جارتي يمكن أن يكلف ألفي ريال ، فقد اشترته جارتي بـمئتي ريال فقط !

في اليوم الثاني كانت أمي تتفحص الإناء الخزف وطقم الشاي وعقد اللؤلؤ المصنّع وهي تقول
وكأنها تتحدث الى نفسها : ما أجمل ذوق زياد . أنظري هذا الإناء الفاخر لن يقل ثمنه عن
ثلاثة آلاف ريال . سأضعه على الطاولة في الصالون ليستمتع بجماله الأخاذ ضيوفنا .
قررت عندئذ أن أكسر حاجز الصوت وأخترق حديثها الى نفسها فقلت : هل أعجبك طقم الشاي
يا أمي ؟ بدت وكأنها لا تسمعني فقد نهضت من مقعدها و قالت : هيا لتساعديني
لأضع تلك التحفة الجميلة في مكانها بالصالون !



* نُشرت قبل مدة في جسد الثقافة
__________________

© شاكي Shaki


الجمعة، ربيع الآخر ٢٦، ١٤٢٦

هل تسلفني عقلك ؟

سلفني عقلك..!
أكثر من (عقل) هنا يثير اعجابي ودهشتي لدرجة انني أود أن أقولها
لدرجة أن نفسي تراودني في ان ابعث اليه برسالة على الخاص
مع بريدي الإلكتروني بعنوان : (سلفني عقلك )
اما فحوى الرسالة فكالآتي :
يا سيدي الكريم
هل تسمح لي بالغوص في احشاء عقلك لأصطاد شيئا من درره
فوسط هذه المجرة الإلكترونية اشعر انني جرم صغير تائه
لا اطلب أكثر من ان تدلني على مصادرك
لن أكلفك اكثر من cut and paste
forward sometimes
لا تكتب شيئا
لا تقرأ لي شيئا
فقط share it with me

لمن ترسل/ي هذه الرسالة ؟
لمن يجدها فكرة حمقاء لا يرد
__________________

الخميس، ربيع الأول ١٩، ١٤٢٦

لمن ستكون الليلة ؟







لا تشبهني في شيء ، ولا شيء يجمع بينى وبينها .
هي سمراء نحيلة ، وأنا بيضاء ممتلئة . شعرها أسود فاحم طويل، وشعرى بني قصير متموج.
انا أحمل درجة البكالوريوس في الآداب والعلوم الإنسانية ، وهي تحمل شهادة طبية تثبت أنها
بريئة من الأمراض المعدية .
هي تحب الشاي الأخضر وأنا أعشق القهوة . انا أخاف من الصرصور وهي تخاف من عصا
حارس البناية .

أمضينا ساعتين معا في المطبخ دون أن تتفوه أحدانا بكلمة مع الأخرى !
شد ما تزعجنى طريقتها وهي تمسك بالسكين لتقشير البطاطس ، لكنني لا أتدخل في طريقتها.
تبدو مهتمة بترتيب مائدة العشاء كعادتها . هي دائما مهتمة بما يخص سيدها.
لا ابدو مهتمة مثلها،
أفكر في أمرٍ آخر. وربما هي تفكر فيه مثلي .


__________________

© شاكي Shaki


الجمعة، ربيع الأول ١٣، ١٤٢٦

لن تعرف








لن تعرف كم ..!


© شاكي Shaki


برود








تركت ضوءا خافتا في الصالة يكفي لأن تتحاور مع لفافة تبغ مشتعلة بين شفتيها.
الساعة تجاوزت الثانية صباحا ، وأصابعها تطارد قنوات التلفاز بعصبية .
ملل .. كل شيء ممل و رتيب !
مسرحية مملة تدور على خشبة المسرح كل ليلة /// أضواء خافتة ثم يفتح الستار /// رقصات و
همهمات /// شمعات تحترق /// جارية تجلس بين يديه تطعمه قطع اللحم المشوية قطعة قطعة .. يلتهمها هو في اشتهاء دون أن يسأل نفسه ان كانت تشتهي قطع اللحم مثله !

تصفيق حاد ويسدل الستار على المشهد الأول //// استراحة ثم ينشق الستار مرة أخرى عن راهب ملتحي يذبح قربانه في تبتل /// تتخبط الذبيحة بين يدي خنجره /// رعشات خفيفة ثم تبرد !
ترتعش يدها أمام قناة فاضحة ،،،، تتأمل العاريين في ذهول ،،، نفس الأداء لكن دقة الصنعة تغلب عليهما . ماذا لو أفاق الراهب المتبتل من نومه ؟؟ هل سيذبحها مرة أخرى !
أغلقت القناة بلمسة سريعة وحاسمة وأغمضت عينيها تستجدى ملاك النوم قوسا أو حربة تقتل بهما هذا السهر. هل سأنام الليلة ؟؟

الفصل الأخير يتمدد ويتطاول أمام عينيها ، وهي تنزل الى البيت سلمة سلمة ..أرضية البيت رطبة ، ورائحة مؤامرة لم تحدد مرتكبيها بعد .. استطاعت "أم على" أن تصطادها بقطعة حلوى ..أسقط في يدها وسقطت حقيبة المدرسة من يدها .
آاااي أبعدى يدك عني ،،، لم تمنحها من الوقت ما يكفي لمذاق الحلوى في حلقها ،،، أطبقت على جسدها بيديها القاسيتين وعلى مرأى من أمها ،،، كشفت عن سوأتها ومررت عليها مشرطها الحاد بقسوة ،،،آااااه ،،، رمت منها قطعة دامية في طبق بيد أمها وتركت شحنات من الخوف والغيظ تنهمر وتنهمر ، وتنهمر .

__________________

* نُشرت قبل مدة في جسد الثقافة
__________________

© شاكي Shaki


.. في منتهى الشراسة








أمى
كم انت شرسة وغبية ..
ليلة أمس ضربتنى بقبضة يدك على بطنى ..شعرت بألم شديد ونمت مقهورا منك.
فاتنى الكثير من اللعب والأفلام في التلفزيون ..
لم أتناول عشائي ونمت جائعا مثل كلب !
وعندما صحوت علمت من الخادمة انكِ تعشيت شاورما بينما كنت نائما
كم انت نهمة!
ولا حتى تفكرين في ايقاظي !
لا احبك والآن لم أعد أطيقك وانت تطلبين منى ان ألزم غرفتى مرة أخرى.
لو كان أبي موجودا.

بنيّ
كم مرة تركت لي سريرك مهملا ، كم مرة دخلت بحذائك في غرفة نومي
كم مرة غبت عن البيت دون ان تعلمنى بوجهتك ، كم مرة عبثت بحوض الأسماك .
وكم مرة اطلقت عصافيري في فضاء الغرفة.
كم جلست أمام التلفزيون وأهملت فروضك .
كم مرة رسمت على الجدران وكم مرة ضربت اختك الصغيرة .
كم مرة اشتكى منك جارنا ، وكم مرة اتصل بي مشرف المدرسة .
كم مرة قلت ألفاظا شوارعية امام اخوتك البنات ، وكم مرة بللت فراشك مع أنك لم تعد صغيرا .
متى ستفهم أنني اريدك أن تكبر بسرعة وان تتعلم من اخطاءك بسرعة
عندما اندفعت نحوك وضربتك على بطنك آلمتنى يدي بشدة ، تمنيت انها لم تكن منى !
وعندما طلبت منك أن تلزم غرفتك كنت ارجو ان تفتح باب غرفتك وتتمرد على أوامري.
وعندما طلبت من السائق أن يحضرالشاورما التى تحبها كنت ارجو ان لا تكون قد نمت لأننى
اعرف انك تحبها.
وعندما أشعلت ضوء غرفتك وتعللت أنني أبحث عن كتاب ضاع منى ، كنت ارجو ان لا أجدك
نائما.
دنوت منك وقبلتك وأطفأت الضوء!
متى تفهم أننى امرأة "معبأة" واننى احتاجك يا صغيري كرجل يحمل عنى بعض العبء.
متى ستعرف سرّ هذه الأوراق التى تملأ أدراجى وتعكر عليّ صفو حياتى
متى ستعرف شكل فاتورة الكهرباء ....
متى ستعرف شكل فاتورة الغاز.....
متى ستعرف شكل فاتورة الهاتف والجوال ؟
متى ستعرف معنى قسط ايجار البيت الشهرى ومعنى ميزانية مقاضى البيت.
متى ستفهم همهمة الخادمة عند آخر الشهر وتململ السائق في آخر الشهر !
واتصال مشرف مدرستك في آخر الفصل !
يعنى لو كان أبوك موجودا .

* نُشرت قبل مدة في جسد الثقافة
__________________

© شاكي Shaki


الغريبة








بـ فاجعة قالت لي : "كتب وثيقة طلاقي على جذع شجرة عمرها 15 عاماً."
كنت أعرف أن هذا سيحدث ،
لكنني بـ حرقة سألتها : " لماذا الآن ؟ لماذا بعد أن طرحت الشجرة 3 ثمرات ؟"
قالت : "تعبت من الغربة ،
مؤكد أنه لم يحبني ، أهله لا يحبونني ، وحتى اشجار بيتي لم تحبني ."
هتفت بعفوية : "أنا أحبك !"
قالت لي :" فلقتني الغربة يا صديقتي ،
عندما تتزوجين ستكرهينني
أنت تحبين نبتة شيطانية تكرهها النساء ويعشقها الرجال ."
ثم في مرارة ولت وجهها عني وضحكت .


© شاكي Shaki


الاثنين، ربيع الأول ٠٩، ١٤٢٦

صاحب السعادة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية مخلصة وبعد

أنت لن تشق عن صدري لتعرف سر استقالتي غير المسببة ولكن سأكون صادقا معك ولن انافقك للمرة الأولى في علاقتي بك
أعترف أنني كنت منافقا وانتهازيا ووصوليا في الأعوام الأخيرة
وأعترف أن أخلاقي صارت تجارية أكثر مما ينبغي
وأن دعوات الغداء في بيتي على شرف سعادتكم كان أقصى غايتها مصالحي الخاصة بك وبعملاء الشركة الذين اغدقوا علي بالكثير من العمولات والرشاوي طمعا في توقيعك الكريم
توقيعك كان كريما اما الآن لا اراه سوى توقيع عديم الضمير
لن امتدحك بشيء ليس فيك بل واعترف لك انني لم أمتدحك بشيء فيك مطلقا ولم أذكرك بخير في غيابك مطلقا
واعترف انني أول من أطلق عنك تلك الكنية السخيفة وانني كثيرا تعمدت اخفاء جريدة الصباح تحت مقعدك لأوقع بينك وبين التي بوي المسكين
وعفا الله عما سلف
حسنا سأعترف لك بالسر بكامل قواي العقلية
هل تذكر يوم طلبت مني أن أحضر لبيتك حقيبتك الجلدية الصغيرة التي نسيتها على مكتبك ؟
حسنا ..لقد تجرأت ووفتحتها ، لكنني لم أسرق منها شيئا ذي قيمة
لقد استوليت على رسالة صغيرة وردية اللون وضعتها سريعا في جيبي
اعتقدت أنها رسالة وردية من احدى عميلاتك وفكرت في أن أتندر وباقي الموظفين بعلاقة جديدة من علاقاتك معهن كالعادة
في البيت فتحتها وقرأتها ومازلت أقرأها حتى اليوم
لن تصدق رسالة قصيرة من ابنتك الصغيرة ذبحت الوحش الكامن في اعماقي وجعلتني أعيد المليونين اللذين اختلستهما الى خزانتك مع اعترافي هذا
سأقرأها كلما ندمت على تراجعي
أعدت اليك كل شيء مع اعترافي بكل اخطائي ، فهل تسمح لي بهذه الرسالة الصغيرة
وتقبل استقالتى ؟



ملحوظة
أنت لن تبلغ أحدا بشيء لأنني احتفظ برسائل عديدة لعميلاتك وصورك معهن
للعلم والإحاطة فقط


Regards

One mug








اناء بلاستيك لجمع الغسيل من السطح ،حبل طويل ، مشابك
كشاف صغير و ألوان .. أقلام .. صلصال
وماذا أيضا ؟
سرق عينيها كوب انيق يليق بقهوة الصباح
- بكم هذا الـ mug ؟
- بريالين
نظرت الى زوجها في توسل
- ممكن ؟
زجرها بعينيه قبل أن يقول في لامبالاة
- مو مستاهل
سحبت نفسها الى السيارة وجلست تنتظر مع ابنتها
عاد وفي يده كيس المشتروات .. فتحته على عجل وابتسمت في دهشة
-!! واو .. الكووووب
ستكافئه الليلة على طيبته
- اعطاني اياه البياع هدية
قال مبتسما
لم يتنبه الى اختفاء ابتسامتها من خلف الغطاء




© شاكي Shaki


الاثنين، ربيع الأول ٠٢، ١٤٢٦

مياو .. مياو









بالأمس زارتنا قطة الجيران
قدمت اليها طبقا فاخرا فيه قطعة لحم وفيرة فلم تحرك ساكنا نحوها
لوحت اليها بعصا المكنسة فلم تتحرك
مياو.. مياو
كنت أموء اليها بصوت خفيض فلم تعرني أي اهتمام
ذهبت للنوم
في الصباح وجدتها ميتة
تبا
كان الموت يسرح ويمرح في بيتنا ولم نعره أي اهتمام



© شاكي Shaki


الأحد، ربيع الأول ٠١، ١٤٢٦

يوميّات أم





ماما لا تنسي الكراريس والألوان
طيب يا روحي ..)
روحي ..؟
كأنكـ انتزعت مني جزءاً من روحي ..




* * *


في الشهر الأول لم أدري بكـ وأنتَ تتسلل إليّ كـ فايروس صغير ..
أتعبتني ...
أمرضتني ..
قلبت ليلي نهارا ونهاري ليلا
فجأة صرت أرى الدنيا من ثقب إبرة ..
كرهت الروائح الجميلة والعطور
أدخل الصيدليات لأسأل الصيدلي عن صابون غير معطر ، وكريم غير معطر ، وشامبو غير معطر
غثيان شديد ..
ومعدة لا تستطيب الزاد ولا حتى الماء

الطبيبة تنظر إليّ وكأنني حالة ميئوس منها ..
تهز كتفيها في لا مبالاة
الأمر طبيعي بالنسبة لي
ولا أملك لك سوى هذا البرمبران .. تحاميل ..


* * *


انتظر أذان المغرب في رمضان من أجل تمرة واحدة وتحميلة ووهن عظيم في بدني وروحي
متى يا روحي تمضي الأشهر الثلاثة الأولى
متى تنتفض يداك الصغيرة وقدماك الصغيرتان لأعرف أن روحكـ دبتْ في احشائي..
خذ معك قليلا من روحي
خذ معك حفنة من دمي
خذ معك ما تشاء من الحديد والكالسيوم والفوسفور

(كلي سمكـ كتير ..
أنا ما أحب السمك
يطلع ذكي
طيب آكل سمك وحيات كمان ) ..!

(اشربي حليب ..
ما أحب الحليب
تطلع عظامه قوية
طيب أشرب حليب وآكل إقط كمان !)


* * *


صرت أتحاشى النظر إلى مرآتي ..
وجهي لم يعد هو ..
تقاسيمه تغيرت
صار أكثر شحوبا
جسدى لم يعد هو صار أكثر امتلاء
صرت أرتدي الملابس الفضفاضة
وحشرت قمصاني الملونة في الركن القصي من خزانتي
اتساءل بيني وبين نفسي
هل سأرتديها يوما
هل سيعود جسمي الى سابق عهده القديم ؟
اتساءل هل سيتقزز مني لو رأى تلك التشققات في جسدي ..!


* * *

(مبروك ولد ..)
ومين سألك ؟؟ قلت للطبيبة في عتاب
أردتكـ مفاجأة وأرادت ان تنقلك لي كمفاجأة
ولد ..بنت ...كله طيب

لا تمشي كثيرا ولا تتحركي في الشهر السادس
انتظري حتى السابع ،
تعبت من الإبر ومن الإستلقاء على ظهري ..
تعبت ..ووهن العظم منى
اشعر أن عظامي مسحوقة
وأن أحشائي متختلطة ببعضها
معدتي صارت لا تستقبل الطعام
وعدنا لسالفة الحرقان في المعدة

متى تخرج يالله ؟؟
متى تفارق ؟؟
خذ قطعة من روحى واخرج غير مطرود
خذ ليترات من دمي واخرج يا روحي


* * *


احذري الشهر الثامن ..
يموت الخديج في الثامن في أكثر الحالات
بسم الله عليك
بسم الله عليك
تعبت عليك
والله تعبت عليك
عدد أصابع اليد توقظني من نومي وتجبرني ع الحمام
عدد أصابع اليد أفيق وأتأكد أن النافذة مفتوحة
وأن الغرفة فيها أكسجين
عدد أصابع اليد أجد صعوبة في أن أتقلب من اليمين الى اليسار
صرت مثل بالونة
من يدحرجني ؟؟


* * *


أول يوم في الشهر التاسع هلْ
وتباشير قدومك لمهدك سـ تطلْ

امشي كتير
روحي عند سور الحوامل وامشي كتير
والله تعبت
حر ورطوبة والعباءة تخنقني ..
امشي في السطوح
ملل وزهق
امشي في الحوش ..!!


* * *


اتأخر موعد قدومه ..
ما تقولين كذا ..كل شيء بأوانه
كلكم تقولون كذا
عشان اللي يده في الماي مش زي اللي يده في النار
كل شيء بأوانه
ما ينزل الرطب قبل لا يستوى
وما يستوى الا مع الحر ...
حر وتعب
وهن ومن فوقه وهن
ساعدوني
أول مرة أكتشف أنها تجربتي وحدي
أخوضها معك وحدي
انا وأنت
إما أننجح سويا أو نفشل سويا
لا تخذلني يا صغيري
you can make it
تجربة جميلة كـ الموت تماما
الفرق أنك حين تنزل باكيا أضحك أنا وأرتاح ...


* * *


أرح ماما يا صغيري وفارق ..
خذ روحي وفارق
خذ عيني وفارق....

ألم يظهر ويختفي ...
نبضات سريعة مؤلمة كأنها اشارات لإنفصال مكوك عن أمه !
هل ستنفصل عني الآن ؟
آلام تظهر وتختفي
تظهر وتختفي
تزيد في قوتها يا صغيري ..؟


لا أتصور أن لقدومك كل هذه الضراوة ..؟
ولا أفهم معنى أن تقول الطبيبة أن انتكاسة رأسك قد اكتملت .. وأن بوابة خروجكـ ليست على مصراعيها ...
3 سنتيمترات ..4 سنتيمترات ..5 سنتيمترات
ماذا تقيس بأصابعها تلك الممرضة الصارمة ؟ وكم سنتيميترا يلزمكـَ لتترفق بأمك يا صغيري؟؟
تخرج الممرضة وتتركني وحيدة معك ..
مقيدة فوق هذا السرير بكَـ ..إما حياتنا معاً .. أو رحيل أحدنا أو رحيلنا معاً..

* * *

تك تك تك تك
صوت نبضات قلبك الصغير في الغرفة وأنا وحدي كأنها طرقات تلك السواني القديمة في بساتين المدينة ...
اسلاك حول معصمي تقيدني بالسرير فلا أقوى على الحراك ، شريط قاس حول هضبة بطني وحول خصري .. !
أين هو خصري ..؟
أحاول النهوض من سريري لأمشي ، فتهاجمني نوبة ألم ضارية فأسقط مرة أخرى طريحة سريري ...
يختفي صوت السانية فأجزع ..
أضغط على الجرس جزعاً عليك ...
لماذا توقفت نبضات قلب صغيرى ؟؟؟ هل حدث له مكروه ..
تنظر الممرضة الى قراءة الجهاز بقربي وتبتسم في تبلد غريب..
اطمئني ..
متى أرتاح ..؟
أسألها بضراعة مع علمي أن أحدا هنا في هذا المكان لا يملك لي ولا لك شيئاً ..!
اهدئي .. يبدو أن صغيرك ينتظر بزوغ الشمس ..!
أنا هنا منذ الثامنة مساءً وشروق الشمس سيأتي بعد 3 ساعات ، وقد لا يأتي ..!
استغفر الله ...
اتحسس هضبتي وأنقش عليها بأصابعي الواهنة
اذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت ..
متى تنشق الهضبة عن صرختك الأولى ..متى ..؟
متى يتوقف هذا الألم الحثيث ، حثيث ؟ بل هو غثيث ومُهلك !
يزداد أكثر وأكثر
أفقد قدرتي على التظاهر بالقوة والصبر ..
صرت أقرب الى الخذلان والضعف والجزع ..أخشى أن يسمع صغيري بكائي فيجزع مثلي ..
أكمم فمي بالوسادة .. أحشرها في فمي ، لكني أصرخ .. أصرخ ..أصرخ ..
تضع الممرضة قناع المخدر على وجهي وتطلب مني أن استنشق منه بعمق
استنشق منه بعمق ، فيأتيني صراخي بعيييييدا كأنه صيحات لموتى آتية من واد سحيق
يتضاءل الألم وينكمش في نقطة واحدة حتى يكاد يفتك بها ..
ألم لا يطاق ..
تبعد قناع المخدرعن وجهي ، فأفتح عيني ويغشاني ضوء الغرفة ..
أين كنت ؟ كم الساعة ؟؟
لم تمض سوى دقائق يا سيدتي
اهدئي ..كل شيء على ما يرام
حاولي أن تنامي
تتكلم معي وكأنها انسان آلي ، كأنها لا تحس ما بي ، تغرز في وريدي ابرة أخرى وتقيس ...
كم سنتيمترا بيني وبينه .. ؟
(بقي سنتيمتر واحد وأعبر بك الى كشك الولادة ..)
وربما لن أعبر غير هذا الشارع الذي يفصل بين المستشفى والمقبرة ...
سأموت يا ......يا ........ ما اسمكـ من فضلك ؟

* * *

مرة أخرى تضع المخدر على أنفي ، فأستنشق منه بقوة ويندمل صراخي ، يستحيل صرخة بعيدة مشلولة ، أسمعها وحدي ولا يسمعها أحد ..
مسكين صغيرى ..ليتني أحتمل من أجله
قبل أيام كنت أتلو بين يديه ما تيسر من سورة يوسف
وبالليل كنت أغني له ليهدأ وينام ، وليقلع عن هواية الركل وأنا نائمة ..

أين أنا الآن ..؟؟
أصوات بعييييييييدة تتحدث وتتحاور .. هل خرجت روحي ؟؟
أهذا صوت أمي يبكيني مع أخوتي ؟ لم أعد استطيع التمييز ..
لماذا يحملونني وإلى أين يذهبون بي ..
ربما الى المغسلة ليغسلوني ..
لم أعد أفهم ما يدور حولي .. أحاول أن افتح عيني لأرى ما يدور حولي فلا أستطيع ..!
أحاول أن أحرك يدي لأميط المخدر عن وجهي فلا أقدر ..
ساقاي معلقتان في الهواء وأنا مشلولة أنتظر قضاء الله فيّ مثل ذبيحة تنتظر السلخ !
اصوات بعيدة ونداءات ..
من يناديني ...؟
تبعد الممرضة القناع عن وجهي ..افتح عيني .. فتتدفق شلالات الألم مرة أخرى بكل ضراوتها ..
اصرخ .. أصرخ ,,
(ابعدي المخدر عنها يجب أن تفيق لتساعدنا ..
ادفعي ..)
لا استطيع ..
ادفعيه خارجاً
ألقي بصغيرك الى يمّ الحياة
الفظيه بعيدا عن برزخك ..
لا أستطيع .. كأنه يتشبث بي .. كأنه أعتاد دفئي ..

يد دافئة تضغط على يدى ، ألتفت نحوها فإذا به وجه أمي تترقرق عيناه بالدمع وتتصبب من جبينه حباتُ العرق ..
أهذا ما جنيته عليكِ يا أمي ..؟
سامحيني
سااااااااامحيني
لو أملك أن اتحرك من مكاني لقبلت قدميك ،
لو أستطيع أن أحرك ذراعي لأحتضنتك ، أو حتى شفتيّ لقبّلتك
أخشى أني متُ وأن روحي هي التي تنظر اليك من الأعلى !

لم يبق بيني وبين الملكين اللذين سيسألانني سوى أن تغسلوني وتكفنوني ..
أفكر ماذا سأقول لربي عندما ألقاه ..
يارب .. لا ألقاك بغير حسنة واحدة عملتها في حياتي وهي حسن ظني بك
ولا أظن شيئا غير حسن ظني بك ينفعني ..!
يا رب جئتك من دنيا كنتُ احسبها باقية فإذا بها فانية
واذا بكل شيء فانٍ الا وجهكـَ الكريم
يارب أحتمي بوجهكـ الكريم وألوذ بعفوك من نار دنياك الى برد آخرتك
هذه أمي تبكيني وهذا صغيري يتشبث بالحياة ..
ان كنت كتبت لي الفناء فاكتب لصغيري الحياة من بعدي

* * *

صرخة أخرى لا تشبه صرختي تنبعث من المكان ..
ضحكات وبكاء وتنهيدات
أصوات كثيرة من حولي و رأيته يتدلى في يدها مثل عنقود عنب شهي
رأسه المنكس الى الأسفل وقدميه الى الأعلى وحبل غليظ يربط بيننا ..
قصّت منه حبل أمومتي ، ثم رمته على صدري ..
أجمل ارتطام بين جسدين كان ارتطامه بي
وأخيرا يا صغيري ....



© شاكي Shaki

السبت، صفر ٣٠، ١٤٢٦

قربعات












1

أناديه بـ " يا سيدي " رغم انه يكبرني بـ أربعة أعوام فقط ..!
أشعر ان أمي تدنى الأطباق الى يديه عندما نجلس معا على المائدة فأكتفى بما تجود به مؤخرة المائدة ..!
أحيانا أواصل في المطبخ ..!
- فين الشاهي ؟
- سويه لنفسك ..!
تنهرني أمي " عيب يا بنت ..هادا أخوكي .. سويلو الشاهي"
- اشمعنى ؟
- أخوكي سيد البيت .
- بس بابا عايش !
- حيصير بعد عمر طويل ..
أتوسل لأبي في وحدتى بالشرفة : " لا تمت يا بابا" . *







2

قلبت خزانتي و سريرى وأشيائي .. قلبت كل البيت .. سألت الخادمة ثم سألت أمي :
- ما شفتي نوتتي ؟
- كيف شكلها ..؟
- لونها زهري وحوافها بيضاء .
- كأني شفتها في يد أسامة !
- هادا الولد ما يبطل يفتش في أشيائي !

أسقط في يدي فانخرطت باكية ، تربت أمي على كتفي
- معليه يا بنتي يخاف عليكي ..

" ... من ايه ؟؟؟؟؟؟؟؟ " .







3

- سيدي ممكن التلفون ؟
- ليش ؟
- أكلم صاحبتى ..
- اسمها ايه ؟
- مريم
- بعدين
- أسألها عن واجب أمس .. دقيقتين ما أطول !
يحرر سماعة الهاتف من قبضته و يتنحنح
- طيب يا أسعد أكلمك كمان شوية ..
يناولنى سماعة الهاتف .. أضعها على أذني لأتصل .. يأتيني صوت ناعم
- اسامة اسامة ما قلت لي متى أسمع صوتك تاني ؟







4

أمي تحمل صينية افطار ملوكي الى غرفة أسامة .. تضعها عند الباب بعد أن تنقره عدة مرات ..!
يفتح الباب .. يمد رأسه يمنة ويسرة ثم يحمل الصينية الى الداخل ..
منذ أيام وصديقه هذا يزوره ويختلي به الى ما قبل الظهيرة .. أحاول أن اتلصص عليهما لأسمع صوته دون فائدة ..
- من صديقك هذا ؟؟
- ليه تسألي ؟
- بس أبغى أعرف يعني ..
- والله عال ..انتي ايش يخصك ؟ أما بنات !
تنظف سومارني غرفتى وتتهيأ للكلام كعادتها وليس لي الا أن اتصنع الإصغاء ..
- هادا صديق مال اسامة مرة حلو .
قفزت من سريري ...
- انتي شوفتيه !
- هادا أعطيني بكسيس كمان .
- كيف شكلو؟
- شعر طوووويل أصفر.. مرررررة حلو.. هادا عيون بنى ..رموش طويل .. فستان حلو كتير!
- ايييييييش ! عيدى الحكاية أشوف وبشويش بشويش يا سومارني !
- فيه بكسيس ؟




5

تلعثمت الكلمات على فمي وأمي توضب سريره و تناولنى منفضة السجائر لأنفض ما فيها في سلة القمامة ..
الاحقها من ركن الى ركن ثم ...
- ماما ..انت عارفة مين هو صديق أسامة ؟
- انتي ما تبطلي لقافة يا بنت ! قالتها بحدة جعلتني اتردد في مفاتحتها ..
- مو لقافة .. سومارني قالت لي ان ....
- اسكتى يا بنت .
لم تدعنى أكمل .. رأيت تحذيرا يشتعل في عينيها لكننى تماديت .. كأنما أردت أن أنتقم من شيء ما لا اعرف ما هو ..
- يعنى انتي عارفة ؟؟؟
- ايوة عارفة ! قالتها بعين دامعة .
سقطت منفضة السجائر من يدي .. لم أتوقع ان تصيب رميتي فيها مقتلا !
ركعت على ركبتي ألثم يدها التى توارت رعشة وكأنني أعتذر
- انا عارفة من زمان
- وليه ساكتة ؟
- ايش تبغيني أسوي ؟
- تمنعيه
- هو ولد ..
- وهي بنت !
- هو ولدى .. مالي شغل في بنات الناس !
- اعتبريها بنتك .. اعتبريها أنا ..!
- فال الله ولا فالك ..!
وبكيت بحرقة في ذلك النهار .





6

كانت حقائب السفر على أهبة الإستعداد على حافة الباب وكنا في انتظار السائق ليحملنا معها الى المطار
لم نتوقع عودته مبكرا من ملعب الكرة
قال لأمي وهو ينظر الي غاضبا : لم يخبرني أحد بموعد السفر .. على فين انشاء الله ؟
قالت أمي مستنكرة : كعادتنا كل سنة ..لم هذا السؤال ؟
وضع يده على حافة الباب اليمنى كمن يسد فتحة الباب بيده وقال : كل سنة تسافروا لمصر .. ايش عندكم هناك ؟
- عندنا عطلة الصيف وأبوك ينتظرنا هناك
نظر الي بقوة هذه المرة وقال : وهذه البنت ليش تروح معاكم؟
- أجل تقعد مع مين؟
- تقعد معاكي هنا
- تقصد ما نسافر
- مو ضروري تسافروا كل سنة
- من متى ده الكلام ؟؟
- من دحين

وصفعته أمي
كانت الصفعة الأولى من أمي ولم تكن الأخيرة





© شاكي Shaki


الأربعاء، صفر ٢٧، ١٤٢٦

صعود للأعلى

بيدين مرتعشتين صعدت السلم الخشبي إلى العلية . ثمة ثياب طفولية في الأعلى أعادها
الى ذاكرتها بطن ابنتها المتكور . كم انتظرت هذا الحدث المبهج أعواما.
بعد عدة أشهر ستصبح جدة !

لم تعد بنفس قوتها في شبابها لكن حنينها لملامسة تلك الثياب الصغيرة يحفزها للصعود .
بقيت سلمة واحدة وتصل .

ثمة ثياب قطنية مطرزة .. وجوارب صوفية .. مفارش صغيرة .. لفائف وأغطية .. ياقات
صغيرة ملونة ... وحزام عريض للبطن .. دبابيس ملونة .. دب صغير و صفارة وألعاب تطل
برأسها و تختلط بصندوق الذكريات في رأسها .
دوار خفيف يعبث برأسها قبل ان تواصل تقليب محتويات الحقيبة الجلدية .

فتحت صندوقا فانبعثت منه موسيقى هادئة سرعان ما انصهرت مع صرخة قصيرة من فمها
بعد أن لامست أصابعها جلد الثعبان الأملس ثم ارتطام قوى .

آاااااااااااااااااااااااه

لم يستجب جسدها النحيل لمحاولات الأطباء في إنعاشه . كان غارقا في غيبوبته بعد كسور
متعددة في الجمجمة والعمود الفقري .
- هل ستطول غيبوبتها يا دكتور..؟
- كانت السقطة قوية جدا . نحن قمنا بما في وسعنا والباقي بيد الله .

لا احد يعلم مالذي كانت تفعله في العلية . ولا كيف سقطت من أعلى السلم . لا أحد يعلم شيئا
عن تلك الرعدة التى سرت في جسدها من ملمس الثعبان .
كما أنه لا أحد يعلم شيئا عن تلك الرعدة التى سرت في جسدها من ملمس الثعبان المطاطي الذي وضعته ذات يوم بنفسها في تلك الحقيبة قبل عشرين عاما .

الاثنين، صفر ١٨، ١٤٢٦

على هذا أوقع






كل شيء توقفَ عنِ البكاء !..
قلبي / رحمي / الطفل الذي طالما أصغيت لبكائه في الليل!..
كان يناديني : ماما ..ماما .. حليب !..
فأستيقظْ !..

أذكرُ أنِّي كنت في حفل تخرجي (مشغولة) بـ من سيوقظ رعشة الربيع في أركاني المعشوشبة ..
كنتُ قطة ملتهبة يكاد يلامس مواءها آذان السماء..
وكانوا (مشغولون) بـ من يليق باسمهم/ عائلتهم / بطاقاتهم ..


الكل (منشغلْ) بتصفيفِ المكانْ لـ سيدةً اربعينيةً صارتْ قراراتُ حضور وغياب المعلمات بيدها ! ..
كل يوم أوقِّع على طلبْ استئذان / أمْ طفلها مريض / معلمة زوجها في نقاهة عملية جراحية / إجازة أمومة /
آه .. تُتْعِبْ هذهِ الإجازاتْ .. يستغرق التوقيع مني دهرا من الآهات ..!..
وعلى هذا أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..

بينما همْ (مشغولون) بـ مناسبة تنصيبي مديرة لـ مدرسة حقيرة في مدينة صغيرة !..
هناك من كان (مشغولا) بـ من يليقُ بمنصبي الجديد/ بإسمي / ورصيدي في البنك !



© شاكي Shaki

مسغَبة







تركت صينية الشاي أمامه واستدارت ..كان وقتها يتحسس نتوء بطنه الكبير .. وفيه ما لذ وطاب!
مازال جائعا لشيء ما .. لا يشعر بالشبع الا إذا !
دائما مشدود كوتر على لوح بين مسمارين!
دائما يجوع .. لا يشبع الا باثنتين .. واحدة مَشبَعة والأخرى مَسغَبة ..!
كالماء رقراقة.. شهية كتفاحة !

ايتها العاصية لسيدك.. المارقة عليه.. المغرورة بكِ
متى تتنازلين وتحطين من عليائك وتجوعين اليّ كما يجوع العبد لسيده ...!
أهكذا كلام يقال للجميلات وللغيد ؟
لعنة الله على لسان لا يعرف كيف يخرج العسل من خلية النحل.. ياليت أن نحله لدغتها فتفر بين ذراعيه !
يا فاتنتي .. يا حلوتي
يا بنت الناس تعالي وأشعلي بكِ ترف الظهيرة
يا شهية .. يا حبة كرز !
لا تريد الكلمات ان تخرج أبعد من لهاته ولا ان تبرح شفتيه

"عيب .. كيف تشكمها بعدين لو عرفت انك تعشقها وأنك تموت فيها..؟"
" كدا المرة تركبك وتدلدل ..لو علمت أنك تعشقها" قالها صديق عر بجي!

أدارت اليه وجهها في دلال .. تتكسر على رموشها أمواج شهوته
"طلبت مني شيئا ؟"
"ممم لا سلامتك "
لعنة الله على ملائكة لا تلعن هذا الجنس النمرود!
كم يتمنعن وهن الراغبات ..!

يتوقف عن اللعن ويخور مع الجميلات على الشاشة أمامه
لن تفسد تلك الـ تفاحة الملعونة تدفق أنهار رجولته فوق أجساد الفاتنات كل ظهيرة!!

© شاكي Shaki

سعـــــــــــــــار





مثيرة ودافئة
تحمل في طياتها وعوداً بليلةٍ حمراء تحت ستائر الدانتيل وجسد الحنطة!
"الفاجرة" .. يحلو له ان يناديها كذلك.!..
يتحسسها بأصابعه .. يتأمل نعومتها .. طراوتها .. وقبل كل شيء شبقيتها ..!..
شهية وغامضة كسندباد مسحور تستدرجه الى محيطات زرقتها
يلعق شفتيه ويدنيها من فمه .. تتجاوب معه وتسلمه نفسها ..!
يهوي بها الى واد سحيق .. ويشتعل !..
سعــــــــــــار
يتسلل الى غرفة نومه ..يخلع دشداشته وينزلق في سريره ،
كانت مستغرقة في نومها كأميرة البحار السبعة !
يحاول ايقاظها .. تعطيه ظهرها .. يحاول مرة أخرى
لا يريد أن يتسرب من سعاره مفعول الحبة..
نسي ان أميرته ليست حبة !

© شاكي Shaki

نبوءة فنجان






في الحقيقة لم أحظ بالوقت الكافي لنبذ الفكرة أو قبولها ، فقد سارعت (سناء) الى مفتاح النور وغرقت الغرفة بعدها في ظلام دامس ..
لا أدري كيف تم الأمر هكذا سريعا .. ولا من أشعلت الفكرة في رؤوسهن ...
دقائق وأشعلت احداهن شمعة وأصبح بإمكاني رؤية رؤوسنا تتمدد وتستطيل على الحائط !
كنا نتحلق حول قطعة من الورق مكتوب عليها جميع الأرقام والحروف الأبجدية مع شيء من القرآن وكلمات مبهمة لم أفهمها ..
رميت كتابي جانبا..
صار فهم المعادلات الكيمائية في الكتاب أيسر من فهم هذه الطلاسم المكتوبة على الورقة !
لم أشعر بالخوف في بداية الأمر ، فكل ما أردت معرفته هو سر هذا التجمع الغريب في غرفتي ، وسر هذه الورقة !
أمسكت (سناء) بفنجان قهوة وقلبته على سطح الورقة وبدأت تتمتم بسور من القرآن ..
حين شعرت بشيء من الخوف طمأنتنى (فاتن) بقولها : لا تخافي انها تقرأ بعض سور القرآن !
كان واضحا أنها تقرأ القرآن لغرض ما ، ولكن لماذا لم أشعر أن الغرض يتناسب مع قدسية القرآن !
لم تتسنى لي الفرصة لأسأل هذا السؤال ، فقد كن مستغرقات فيما يدور أمامهن .كانت أعينهن مصوبة على سبابة (سناء) التي وضعتها بخفة فوق الفنجان الذي بدأ بالحركة !
همست (فاتن) في أذني : الفنجان يتحرك لوحده !!!
لم أتقبل الفكرة فهززت رأسي بشدة وقلت لها : لا أصدق !
قالت : سأطلب منهن أن تقرأي أنتِ ثم تضعين سبابتك لتتأكدي من صحة كلامي ..هل تريدين أن تجربي ؟
سرت في بدني رعشة خوف وقلق من أن تكون هناك روح شريرة ساكنة في الفنجان فتسري في جسدي ، فالتزمت الصمت وكتمت انفاسي وأخذت أرقب الفنجان وهو يتحرك بعد كل سؤال تطرحه احداهن !

كانت (ناهد) قد طرحت سؤالها وبدأ الفنجان يعلو ويهبط على الورقة ليذكر اسم زوجها ..
خالد ..!!!! كان من الواضح ان خالد اسماً لرجل ... لقد سألته السؤال ناهد !
أجل ... وياللغرابة.. !!! سألت الفنجان عن اسم زوج المستقبل ؟؟؟
بعدها سألته (نهلة) عن موعد زواجها وكان الفنجان يتحرك بخفة ويتجه نحو الأرقام ويكتب 1990،،، ضحِكتُ ضحكة خفيفة لم تسمعها سوى (فاتن) وقلت لها : يبدو أن نهلة ستعنس طويلا ، فستنتظر 10 أعواما أخرى على الأقل ليحين موعد زواجها !
لكزتني فاتن بكتفها ، فقد حان دوري لأسأل ...
يا إلهي ...!
لم يكن لدي رغبة في معرفة ما سيحدث لي في المستقبل ،،، اعلم أن المستقبل بيد الله ، وكنت لا احمل أدنى رغبه في معرفة ما سيدور في أيامي القادمة ...أخذت افكر في سؤال عن المستقبل - واعتقد أن هذه هي غلطتي التي لم استطع أن اغفرها لنفسي حتى اليوم - لكنني لم أجد سؤالا ...
أحيانا أشعر انني عشت في جو غريب لا أنتمي اليه ،،، فأنا لا يهمنى ان اتلصص على الغد .. ولا أقلب فنجاني مثلهن كل صباح ، ولا اسارع لأتقرفص أمام (فوزية) لتقرأ لي فنجاني بينما تتثاءب كثيرا كما تفعل معهن وتقول : اعوذ بالله ..انت محسودة ..أنا أرى قردا في قاع الفنجان !
استغرب كيف لا ترى (فوزية) بداخل الفناجين المقلوبة ببيت المغتربات غير العرسان والجوابات والفلوس !
حقيقة الشيء الذي اردت معرفته وقتها هو حال أمي ...هل تحسنت صحتها ...؟ هل تأخذ الدواء بانتظام ..انشغالي بالمذاكرة شغلني عن الخروج الى الكابينة للإتصال بها ..؟؟
شعرت ان العيون مصوبة نحوي تستثقل صمتى فاندفعت أسأل : ايتها الروح كائنا من تكونين ..ما رأيكِ فيّ ؟؟؟؟
بعدها شعرت بخوف وقلق شديد من أن تغضب عليّ الروح التي تسكن الفنجان حين سألت سؤالا بعيدا عن الغيبيات .. حبست انفاسي وأنا اتابع الفنجان وهو يصعد ويهبط على الورقة حتى انتهى من رص كلمة لم اتوقعها ... ب ل ه ا ء
أعدت رص الحروف مرة ومرتين ...هي هي الكلمة ... لم تتغير .. بلهاء !!!
لماذا يراني بلهاء ؟؟؟؟؟ هل لأنني لم أصدق ما يقوله ... أم لأنني فعلا بلهاء !
ليكن ... لكن لا زلت لا أحمل رغبه في أن أسأله سؤالا آخر !
في الحقيقة ازعجتني الكلمة فقلت : انت فنجان أبله ... قلت ذلك في سري خوفا من أن يسمعه فيشتمنى شتيمة أكبر أمام صديقاتي ...
كنت اتضايق كلما فتحوا سيرة الفنجان وكيف انه قال عني بلهاء !
لم اتوقع ان تذكُرها (سناء) حيت التقيت بها في أحد الميادين بلندن ..كانت تحتضنني بفرح وتقول : العربية البلهاء تسيح في لندن !
ضحكت هذه المرة وانا اسحب من خلفي صغاري الثلاثة وأشير لزوجي الذي ينتظرني بكاميرته من بعيد ..
سألتها عن صديقات الغربة ..فأخبرتني أن (ناهد) ترفض كل من يتقدم لها في انتظار خالد ... وان (نهى) تعاند أبيها بشأن الزواج من خطيبها حتى يأتي العام 1990 ..
وانها اعتادت ان لا تتحرك خطوة في حياتها قبل ان تستشير الفنجان !!!
كان زوجي يشير من بعيد الى ساعة يده ..فقبلتها سريعا ومشيت !



© شاكي Shaki

غالية






ما تزال قطرات الماء تتصبب من خصلات شعرها وجسدها نصف العاري مخبوء خلف باب الحمام الموروب ..
سحبت فوطتها الأخرى ثم انحنت برأسها الى الأمام ليتدلى منه شعرها الطويل ..
لفته بالفوطة ودعكته بقوة لتمتص منه الماء .. كان عليها أن تنجز حمامها سريعا قبل وصول زوجها من سفره..
هذه المرة رفعت رأسها بقوة الى الخلف وبذلت جهدا في تثبيت فوطتها فوق رأسها
الفوطة والأقراط التي تدلت على جانبي الرأس الجميل صنعت مشهدا مثيرا ..

لمحت قدميه عند عتبة الباب فافترت شفتيها عن ابتسامة شهية ..
صاحت دون ان تلتفت الى النافذة الصغيرة الملتصقة بسور بيت الجيران : يا هلا ..!
دنت منه وحدقت في وجهه وصاحت مرة أخرى
- حبييييبي ..
كررتها مرات ومرات وهي تلثم وجنتيه بشفتيها الرطبتين وصوتها يعلو أكثر فأكثر
- حبيييييبي عمري .. تأخرت عليك ..!
- جائع حبيبي ؟؟؟ سألته مرارا
وقبلته مرة ثم مرة ثم مرة !
ثم في حنان أعادت الكرة تلو الكرة !
ضمته الى صدرها في ضراعة وكأنها تعتذر اليه عن غيابها الطويل في حمامها !
سحبته لصدرها الوسادة وضمته ، ثم عطرت رئتيها بشيء من عبير شعره الغزير واتجهت معه نحو المطبخ..
فتحت علبة النيدو وشرعت تصنع له الحليب بينما كان ينظر اليها جزلا من فوق كرسيه الصغير !
كان رضيعها يشرب الحليب وتشرب الفرح من عينيه !

في اليوم التالي كان الحي يتهامس بحكاية (غالية) التي تلتقي كل يوم بعشيقها في الحمام وزوجها غائب !



© شاكي Shaki

الأحد، محرم ١١، ١٤٢٦

ست نقاط فقط



-"إنت تدري أننا الليلة على حافة عامنا
الحادي عشر ؟" سؤال لم تبحث له عن اجابة .ربما أرادت أن ترمي بحجرها في بركته
لتعكر صفو إهماله لها! وربما كانت تريد أن تضيف إلى دفتر حساباتها رقماً جديداً
.ضرب بيده على جبينه ." إلاّ والله .. كيف نسيت !" .فجأة برقتْ عينيه بوميض لذيذ
وغادر الصالة مسرعاً الى غرفة مكتبه. معقول ..! هل يدخر لها هدية مثلا ؟ كيف وقد
أخبرها أنه قد نسي ؟ذلك الوميض في عينيه يشي بشيء آخر.لتنتظر وترى !عاد وبين
أصابعه قنينة صغيرة ، وبإبتسامة وضعها في يدها وهو في طريقه إلى الحمام .



- ست نقاط فقط .



رمى فوطته على كتفه مشيرا اليها
بسبابته.


- خذيها مع عصير التفاح .

مشتْ بهدوء إلى المطبخ لـ تنفذ رغبةً لا ينبغي أن تعصاها ولو كانت على ظهر قتب.سقطت
قطرة أولى في كأس العصير ، تذكرت رعشة يديها وهي تقرأ رسائل حبيبته إليه .. أوراق
وردية فواحة تشتعل عليها كلمات الحب وذكريات اللقاءات الملتهبة .. 3 أعوام دون أن
تشعر بذك !سقطت قطرة ثانية ،لم تصدق انه هو الذي سرق مجوهراتها ، كان ممثلا بارعا
وهو يتأوه حسرة على ضياع عقودها وأقراطها وألماساتها ، عرفت ذلك من فاتورة بيع
وشراء نسيها بين أوراقه وهم ينتقلون الى البيت الجديد .قطرة ثالثة ،مثلك لا تستحق
أن تكون زوجة وأم .. لا أستطيع أن أصدق كلامك وأكذّب أمي . أنتِ طالق . روحي
لأهلك يربّونك .قطرة رابعة ،آسف يا حبيبتي مشغول جدا . أين السائق ؟ تتحسس برودة
يده بعد خروجها من غرفة العمليات . الأطباء قالوا انفجار للزائدة الدودية .
اضطروا لإجراء العملية دون تعهد من ولي الأمر !قطرة خامسة ،هذا بيتي . أدخله
وقتما أشاء وأخرج منه وقتما أشاء . وان مو عاجبك الباب يفوّت جمل. صفعة قوية
ألجمت شفتيها عن السؤال.قطرة سادسة ،لستِ بحاجة لأن أوضح لكِ ما معنى بقايا فضلات
بشرية في مسحة عنق الرحم . التهاب مزمن وقريبا ستصابين بمرض تناسلي . زوجك يتعاطى
الرجال يا هانم. فهمتِ ولا أقول أكثر ؟أضاعت العدْ ، قطرات أكثر مما ينبغي انهمرت
من القنينة ومن عينيها.عادَ من حمّامه فرحاً يترقب .


- ها .. 6 نقاط مثل ما قلت لك ؟


أجابته بإبتسامة فاترة



نعم . لكنها مرّة كالعلقم .

© شاكيShaki


زلزلة



بعد ان تقلع الطيور الى أرزاقها في هذا الحي يتجمعن ويثرثرن .. يتضاحكن ويتباكين .. يتشاكين ويتناصحن .. يتحاسدن ويتباغضن شأنهن في ذلك شأن كل نساء العالم ."يا بنات .. ترى سورة الزلزلة تطرد الضيفات الثقيلات ..!" قالت واحدة .ضحكت معهن كم من ضيفة ثقيلة في حياتها ولكن لا أثقل من أخت زوجها تنثر الكراهية في بيتها كلما حلت ...!" سورة النصر تحفظ الحبيب من عيون الحاسدات وتقيك شر الشريكة ..ترى مجربة" قالت أخرى.كيف كيف ..؟ سألت واحدة لم تتنبه من البداية. وضعت يدها على فمها كمن ضبطت متلبسة بجرم غير مشهود .ضحكات وغمزات .. " ايه سورة النصر"..!بسطت كفها وغطت به وجهها الضحوك وواصلت تكمل وصفتها المجربة وقد احتبست الأنفاس" هكذا تصكين وجهك بالسورة .. وصفة مجربة .. والله لن تقربه انثى لا من انس ولا من جان " كوب الشاي يتراقص في يدها .. بدأ القلق يحتدم في داخلها .- " ياجماعة ..خليتكم بعافية .. أروح أجهز له الغداء"همهمات ودعوات بالسلامة عادت الى بيتها دون أن تلحظ انه عاد باكرا من عمله .. اصطادها تقف عند الثلاجة باسطة كفها الأيمن تصك وجهها وتشرع في استحضار سورة النصر - احم احم .. بدري يا مدام !!انتفض جسدها وهي تغلق باب الثلاجة بقوة وتقرأ في سرها " اذا زلزلت الأرض زلزالها "

© شاكي Shaki

خروف العيد




لـ غواية .. أرأيتِ كم يسرقون الطفولة ..**

تقول أمى أن الحمى الشوكية تتربص للصغار عند عتبة الباب . لم أقتنع بشراسة هذه الحمى إلا

بعد أن اختفت "ريم" من شارعنا ولم تعد تلعب معى !يقولون أن الحمى خطفتها من بيننا ، مع أن "رنا" تقول أن حاجا سرقها وخبأها بين

أمتعته !خروف العيد يطل برأسه وكأنه يحذرنى من الخروج في هذه الساعة ولكن لابأس يا خروفي .. دقائق وأعود .. "رنا" سألتنى عن


ثوب العيد .. سأريها إياه وأعود.المصباح الوحيد في الشارع نبهنى الى شبح انسان قادم من بعيد ، لعله أبي .ركضت نحوه .. أمسكت بيده

لكن بعد فوات الأوان .. ليست في رقة يد أبي !لا فائدة . كأن معصمى سقط في قبضته . لم يقل شيئا ولم أقل شيئا . هل هذه هي الحمى

الشوكية التى نبهتنى منها أمي . لم تقل ان قبضة الحمى بهذه الضراوة . يدي تؤلمنى وأظننى خائفة. إلى أين يأخذني ؟ هذا ليس شارعنا .

انه شارع آخر وبلا مصابيح والبيوت فيه خرساء جدا . لماذا لا يتكلم هو الآخر؟ معصمي يتحرر من قبضته . أصابعه تتحسس ظهرى ثم

تجبرنى على الجلوس . لا لن أجلس على هذا السجاد القذر سيتسخ ثوب العيد. أمي ستغضب .ما هذا الشيء الذي يحاول أن يدسه بين

أصابعي ؟هل سيصيبنى بالحمى الشوكية ؟ معك حق يا خروفي !صامت لا يتكلم وأنا خائفة. هل أتوسل اليه ؟ ربما لا يفهم العربية سأبتسم

ليفهم . ابتسمت في وجهه فأبتسم لي . أريد أن أذهب للحمام . بسط كفيه ثم ضمهما قليلا وقال : بولي هنا ..! وقح ؟ قلت ذلك دون أن

يسمعنى . لا استطيع ، دعنى أذهب للحمام وأعود.أمسك بأصابعى و مررها على ذلك الشيء . كان مقززا وصلبا لكننى ابتسمت . ضغط

على أصابعى أكثر . آلمتنى أصابعى فابتسمت أكثر . هل أنت سعيدة ؟ أجل . هل سـتتركنى أذهب للحمام ؟ أفلتنى أخيرا . فتحت الباب دون

أن ألتفت خلفي . كنت أركض أركض أركض !
© شاكي Shaki

حبات العرق






صندوق الورق لم يفلح في أن يحتفظ بقنينات الماء مثلجة كما كانت عليه قبل دقائق .. ثمة أطفال صغار يتحلقون حول


المتجر المتحرك فوق الرصيف وتحت الشجرة ..دقيقة وربما دقيقتان ثم اعلنت الإشارة الحمراء بداية مهلة الراحة تحت



الشجرةحتى الشجرة لم تفلح أذرعتها المصلوبة الى الأعلى في أن تحجب اشعة الشمس ..وحتى أوراقها الهزيلة ملّت


من تبريد هواء الصيف الحار!يقترب أحدهم من نافذتي وكأنه عصفور هبط إليّ من الجنة غريب .. العصافير في هذا



الهجير تلوذ بأعشاشها !!!- موية ..؟ يسألني بتوسل مفتعل.. من علّمه هذا الخنوع في القول ؟يلتصق وجهه الطفولي



بزجاج النافذة الحار فيزداد احمرارا ..تتساقط قطرات العرق من حوله ..- بكم حبيبي ؟- واحد ريال ..كدت ادع الباقي




في يده الصغيرة..!.. تذكرت الأشقياء الذين يطفئون ظمأهم من حبات عرقه.. أشباه الجزام الذين يقتاتون من لحمه !

..!

© شاكي Shaki

تغيير شامل



تغيير شامل
عبأ جو البيت بصراخه ومضىيا الهيكادت تتعثر بصرخة ..!صرخاته مشانق تلتف حول عنقهايوما ما ستدفع بقدميها الكرسي وتنهي كل شيء..!* * * دنت من مرآتها خلعت قميصهاتأملت بقعا داكنة على ذراعيها لوحة وحشية رسمها سوطه* * * هناك وضع خاطيء يحتاج الى تغييركل شيء غير مناسبغير مناسب غير مناسب* * * كيف لم تكتشف ان مقاس حمالتها غير مناسبعشرة اعوام ولم تكتشف ذلك ..!

© شاكي Shaki

برود




تركت ضوءا خافتا في الصالة يكفي لأن تتحاور مع لفافة تبغ مشتعلة بين شفتيها.الساعة تجاوزت الثانية صباحا ، وأصابعها تطارد قنوات التلفاز بعصبية .ملل .. كل شيء ممل و رتيب !مسرحية مملة تدور على خشبة المسرح كل ليلة /// أضواء خافتة ثم يفتح الستار /// رقصات وهمهمات /// شمعات تحترق /// جارية تجلس بين يديه تطعمه قطع اللحم المشوية قطعة قطعة .. يلتهمها هو في اشتهاء دون أن يسأل نفسه ان كانت تشتهي قطع اللحم مثله !تصفيق حاد ويسدل الستار على المشهد الأول //// استراحة ثم ينشق الستار مرة أخرى عن راهب ملتحي يذبح قربانه في تبتل /// تتخبط الذبيحة بين يدي خنجره /// رعشات خفيفة ثم تبرد !ترتعش يدها أمام قناة فاضحة ،،،، تتأمل العاريين في ذهول ،،، نفس الأداء لكن دقة الصنعة تغلب عليهما . ماذا لو أفاق الراهب المتبتل من نومه ؟؟ هل سيذبحها مرة أخرى !أغلقت القناة بلمسة سريعة وحاسمة وأغمضت عينيها تستجدى ملاك النوم قوسا أو حربة تقتل بهما هذا السهر. هل سأنام الليلة ؟؟الفصل الأخير يتمدد ويتطاول أمام عينيها ، وهي تنزل الى البيت سلمة سلمة ..أرضية البيت رطبة ، ورائحة مؤامرة لم تحدد مرتكبيها بعد .. استطاعت "أم على" أن تصطادها بقطعة حلوى ..أسقط في يدها وسقطت حقيبة المدرسة من يدها .آاااي أبعدى يدك عني ،،، لم تمنحها من الوقت ما يكفي لمذاق الحلوى في حلقها ،،، أطبقت على جسدها بيديها القاسيتين وعلى مرأى من أمها ،،، كشفت عن سوأتها ومررت عليها مشرطها الحاد بقسوة ،،،آااااه ،،، رمت منها قطعة دامية في طبق بيد أمها وتركت شحنات من الخوف والغيظ تنهمر وتنهمر ، وتنهمر .

© شاكي Shaki

براءة من الحريم




أمام الشاشة يحتفلان بلعبة جديدة تليق بجهاز سوني 2 الجديد أحدهما أقصر من الآخر بشبر ، والآخر أكبر بيوم .. ربما
على هذا الأساس كان الآخر يتصرف وكأنه أعرف من صاحبه بسنة !سحب ذراع الجهاز من يد صاحبه ، وبدأ في
اختيار المعرف ليبدآ اللعب
من حافة الباب كنت ارقب أجساد الفتيات العاريات تنزلق على الشاشة ، والدهشة تتسلق على
حافة فمي كاللبلاب!يا إلهي .. ألعاب الأطفال صارت أمتع وأجرأ مما كنت أتصور ..!
ألهذا يقضيان معظم وقتهما خلف هذا الجهاز اللعين ؟واصلت طريقي الى غرفتي ومازالا يتباحثان في حكاية المعرف
الذي يناسب كل منهما !
فجأة علا صوت طفولي لأصغرهما :- " لا .. أنا ما ألعب مع الحريم." كنت أصغي لجدالهما بينما اتصفح مجلة في
انتظار أن يجف الطلاء على أظافري.لم استطع أن أكتم ضحكة مباغتة وصوته الرفيع مازال عالقا بأذني

© شاكي Shaki

انه ليس يومي


اهداء : لروح هديل التى سبقتنا الى الطمأنينة ..
نثرت بعض الماء البارد على وجهها .رمت معجون الأسنان مفتوحا وأسرعت لغرفتها . تركتالمنشفة تسقط من يدها .
تناولت تنورة سوداء وقميص أبيض وجاكيت أحمر من خزانتها.ما هذه الألوان ؟ لم تقاوم فكرة تغيير لون الجاكيت ،
أحست ان اللون لا يليق بهيبتها أمام تلميذاتها.كل شيء يشتت انتباه بنات القرية حتى ميدالية المفاتيح !ما أشد برد الطريق
وهذه العتمة والثلاث ساعات في الطريق مع سارة و زهراء!نعم هذا الجاكيت أكثر لياقة وأقل احتكاكا بدهشة
الصغيرات . أمممم. أسود غامق يحتاج لوردةبيضاء. غرستها بإهمال في عروة الجاكيت.كانت تهبط السلالم بسرعة
بسرعة لتلحق بجيمس عم شبيب .اصعب امتحان في هذه الدنيا هو أن لا تكتفي المديرة بالخط الأحمر بل ترسم معه
خطوطاطولية على جبينها وترسل من فمها رشاشات وطلقات من العيار الثقيل !لم تكد تصل لعتبة الباب حتى سمعت
عجلات الجيمس تصر على الأسفلت الذي غسله المطر .ياألله .. هذا ليس يومى !هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث لي هذا
الصباح الداكن.أمس مطر وضباب وعتمة وجمال سائبة في الطريق ومع ذلك لم تعتقها المديرة من كام مدفعرشاش ! لن
تصدق أنها سهرت في قسم الطواريء لأن نوبة مغص كلوى اصابت شقيقتها الصغرى .اعتقد انها ستكون قد هدأت بعد
ساعة من بداية الحصة الأولى . ضغطت على رقم جوالها لتعتذر. تحفزت قليلا فسيلعلع صوتها عاليا - ابلة سناء ..انا
لم اقصد أن ن ن - اعرف يا بنتى ..الحمدلله على السلامة- لكن انا ما سافرت !نقلت الجوال الى الأذن الأخرى لتتأكد
ان هذه ابلة سناء سر كل بلاء مستطير في هذا الكون .- عارفين . لكن سارة وزهراء تعيشي انتِ. - ايش؟- جمل
بالطريق.سقطت الوردة البيضاء على الأرض.

© شاكي Shaki

الغريبة





بـ فاجعة قالت لي : "كتب وثيقة طلاقي على جذع شجرة عمرها 15 عاماً."كنت أعرف أن هذا سيحدث ، لكنني بـ حرقة سألتها : " لماذا الآن ؟ لماذا بعد أن طرحت الشجرة 3 ثمرات ؟"قالت : "تعبت من الغربة ،مؤكد أنه لم يحبني ، أهله لا يحبونني ، وحتى اشجار بيتي لم تحبني ."هتفت بعفوية : "أنا أحبك !"قالت لي :" فلقتني الغربة يا صديقتي ، عندما تتزوجين ستكرهينني أنت تحبين نبتة شيطانية تكرهها النساء ويعشقها الرجال ."ثم في مرارة ولت وجهها عني وضحكت .

© شاكي Shaki


الظل







إما الظل وإما هو فاقبليه

قبِلَته

فانكسر الظل

وبقي هو



© شاكي Shaki


مواء حاسم











ينتظرها في الصالون وحيدا كما أرادت ..عتبة أخرى وتصل اليه .. سوف تراه ويراها دون حائل ..في المرة الأولى جاءها خاطبا مع أحد أفراد عائلته اضطرت لأن تتلصص عليهما من الشرفة ياالهي .. لماذا تذكرت يوري مرقدي في (عربي أنا ) !!لعلها نظارته !! كان فائق الأناقة !!في المرة الثانية جاءت أمه .. اوصلها عند باب البيت واعتذر عن الدخول رغم إلحاح الجميع !هذه المرة سيكونا معا هو وهي لا ثالث لهما استعادت سؤاله على الجوال في الطريق : ماذا لو لم ترتاحي لي ؟؟قالت : وماذا لو لم ترتح أنت لي ؟قال : لن يحدث ، أحببت صوتكِ من قبل أن أراكِ !قالت : لا تستعجل ، كلها ساعة ونصبح معا !تسمرت للحظات على باب الصالون ، عدلت حذاءها ودخلت ، سبقها قطها اليه !مدت يدها تصافحه قالت لنفسها : يده قطعة لهيب!قال لنفسه : يدها قطعة ثلج !جلست تتأمله .. قالت لنفسها : ابتسامته قاسية كان الآخر يتحدث الى نفسه .. لماذا لا تبتسم !!كان قطها الأثير يتنقل ببصره بينهما وفجأة قفز الى حضنها حاول ان يفتت جو الصمت بينهما فقال : تحبين قطك على ما يبدو !سألته : هل تستغرب لو قلت لك ان قطي لا يرتاح الا لمن أرتاح لهم ؟؟قال مستغربا : لااا .... ثم دفن ضحكته في صدره !فيما كانت تودعه على الباب تذكرتْ انه نسي أن يلبسها أسورته التي بداخل علبة القطيفة قالت لقطها : هل تظن انه نسي ..؟- مياو مياو - تقول انه لم ينس !!- مياو - هل كان مريحا ؟- مياو مياو - اذن انت لم ترتح اليه !! بصراحة ولا أنا !

© شاكي Shaki


أعواد الملوخية




أعواد الملوخية
صامتة معظم الوقت .. وعندما ينفرج فمها الصغير ، تنبعث منه طرفة أو ضحكة رقيقة .. لم أسمعها يوما تنتقد امرأة ، أو تشتم أحدا ولا حتى كلباً .. أو على الأقل تعتب على القَدَر الذي جاءَ بها أنثى برقم 13 في قلب عائلة فقيرة !لم ألتفتْ لتعليقاتِ الأخريات حول سلوكها .. ولم أتورط في همساتهن وتلميحاتهن حول خروجها من شقتها بعد الغروب في سيارة ليموزين وعودتها إليها مع طلوع النهار !كانت تنتزع الشعر الخفيف من ساقيها أمامي وأنا ارقب هدوءها المثيركدتُ اتورط في سؤالها " لماذا أنت حريصة دائما على ان تكون ساقيك ناعمتين ..؟"لكنني تثاقلت عن السؤال !كن يتضاحكن ويتغامزن ويتحدثن " عادت تلك القـ .. بة وراحت تلك الشـر ... طة ! "كلمات تتناثر في أحاديث اعتدت عليها.. صارت أشبه بأوراق الملوخية المتناثرة فوق سماط كبير ومن حوله نساء الحي .. يوما ما سأصير عارية كعود ملوخية .. قلت ذلك في نفسي !بصراحة مع الوقت لم أعد اشعر بتلك القشعريرة التي تصيبني كلما بدأن الخوض في أعراض بعضهن !عندما عادت في العاشرة كدت أسألها : "من هذا الوسيم الذي نزلتِ من عربتهِ ..؟"تذكرت! قالت مرة بأنه خطيبها .. وقلت بيني وبين نفسي : " لا يمضي شهر حتى يتغير شكله تماما .. كأنه شخص آخر !" نمت وأنا أفكر في أن أقطف معهن عيدان الملوخية ضحوية غدٍ !!

© شاكي Shaki


مريمية






مغص فظيع يفتك بأحشائي ، فأتكوم على الصوفا بررررد وجوع ..
تمر بي وكأنك لا تراني تسعل..يختلط صوت سعالك المفتعل بأنيني حسنا ..!
رائحة المريمية تنفذ اليك/ اليّلن تستطيع تجاهل تلك الرائحة النفاذة آه..ايش فيكِ ..؟
- المغص يقتلني
- شربتِ مريمية ..!
تقرير حالة لا أكثر ..!ثم تقومُ عن مائدةٍ أوانيها مبعثرة // فارغة ...!
قبل يومين كنت تبعثرها..!



© شاكي Shaki


أخرج يا عدو الله




- اقتربي مني ..لا تخافي ....!رقدت كفه اليمنى على مفرقها وأخذت شفتاه تمتمان بشيء ما ..!يشتعل جسدها من قراءته فتنتفض .. يتوقف عن التمتمة ..- هل تشعرين بشيء ما ياابنتي؟- أجل ..نيران تضطرم في جسدي ..- أريني ! اين ..؟تشير بيدها الى رأسها الصغير ..تتحسس عنقها بأصابعها تنزلق اصابعها فوق الجسد المرتجف .. ثم تتكوم وهي تشير الى ساقيها !- هنا يا سيدي ..- لا تخافي... هذه الحرارة ناتجة عن احتراق الجني في جسدك ....!سيحترق ويموت وتشفين بإذن الله !تحدق في الغرفة الحقيرة بعينيها الخائفتين ..ترقب سيدها من خلف برقعها .. تتأمل يده الكبيرة وأظافره المتسخة ..تتنقل ببصرها بين اصابع الشيخ وأصابع سيدها ..! يا إلهي .. كالفرق بين البلورة وكومة قطن مبتلة !نظر الشيخ الى سيدها ويده ما تزال تغفو فوق رأسها المكدود !- منذ متى وهذا الصداع يأتيها ..؟ يتحسس سيدها لحيته الكثة ، ويبدأ الكلام في التطاير ما بين اسنان صفراء ورائحة .. -والله ياشيخ لا ندري ..لم نترك طبيبا مازرناه ..اخذناها الى كل الأطباء ..يقولون ان نوبات الصداع القاتلة عرضية وليست مرضية !يواصل وقد تناثر صوته في هدوء المكان ونفرت عروق رقبته ..-احيانا كالسعلوة تصرخ في منتصف الليل .. تطرد عن جفنيّ النوم .. يلتفت اليها الشيخ فتنتبه الى ان ثوبه نظيف جدا وياقته نظيفه ..في يده اليسرى منديل .. تنفذ الى انفها رائحة هادئة لم تعهدها من قبل ..- أخبريني يا ابنتي عن نوبات الصداع ...متى يأتيك ...؟يتسلل نشيجها من خلف برقعها وذراعيها معقودتان حول ساقيها المضمومتين و...-يأتيني في كل الأوقات ، لا يرحمني ، يأتيني في المباحات والمحظورات ، يأتيني صبحا وفي القيلولة ، أحيانا يوقظني من نومي ليأتيني !يفتتني ، يكويني ، يحيلني الى كومة حديد منصهرة ,, لا يعرف كيف يأتيني .. لايستأذن ولا يسلم ، لا يبتسم ولا يتكلم ..وحش لا يرحم .. لا يغتسل ولا يتطيب !!- الصداع يا ابنتي ؟؟- لا يا سيدي ..انه الجني !يصرعني ويخترقني برمح حاد لا يرحم ..مللت ..تعبت !تشير بيدها الى رأسها .. يضرب الشيخ رأسها بقبضته فتغيب عن الوعي !يعلو صوت الشيخ على صوت نشيجها الذي لا يسمعه احد والزبد الذي يخرج منها ولا يراه أحد ..- اخرج يا عدو الله ..اترك هذه المرأة فقد خرجت من ضلع أعوج لتعيش ..!اخرج لا بارك الله في رمحك ولا وتدك !اترك عنك هذه الواحة التي استحالت بك صحراء جرداء لا طير ولا غناء ولا ماء !بأي ذنب قتلت فيها الأخضر واليابس !اخرج ..!

© شاكي Shaki


لمن ستكون الليلة





لا تشبهني في شيء ، ولا شيء يجمع بينى وبينها .هي سمراء نحيلة ، وأنا بيضاء ممتلئة . شعرها أسود فاحم طويل، وشعرى بني قصير متموج.انا أحمل درجة البكالوريوس في الآداب والعلوم الإنسانية ، وهي تحمل شهادة طبية تثبت أنهابريئة من الأمراض المعدية . هي تحب الشاي الأخضر وأنا أعشق القهوة . انا أخاف من الصرصور وهي تخاف من عصاحارس البناية .أمضينا ساعتين معا في المطبخ دون أن تتفوه أحدانا بكلمة مع الأخرى !شد ما تزعجنى طريقتها وهي تمسك بالسكين لتقشير البطاطس ، لكنني لا أتدخل في طريقتها. تبدو مهتمة بترتيب مائدة العشاء كعادتها . هي دائما مهتمة بما يخص سيدها.لا ابدو مهتمة مثلها، أفكر في أمرٍ آخر. وربما هي تفكر فيه مثلي

© شاكي Shaki


الأحد، ذو القعدة ٢١، ١٤٢٥

شيء يتعبني

غالبتْ شهقة كبيرة وحبستها الى الداخل قبل أن تأذن للمريض بالجلوس . كان فارهاً
لدرجه أنها لم تتفوه بشيء .- يا سيدتي ..شيٌ ما يتعبني . كأن عيناً جاريةً

نبعت من شفتيه وهو يشكو ..! قالت ذلك وهي تلتقط كوب الماء من أمامها لتبلل شفتيها..
- مم تشكو يا أسـتـ .. ا....ذ ....؟ألقت نظرة سريعة على ملفه الصحي

لتلتقط اسمه واسم الشركة التي منحته تأمين العلاج في المستشفى .مضت ثانيتين ثم
بنبرة استفهام :- أستاذ أحمد ؟؟ ما لذي يتعبك بالتحديد يا سيدي ؟كأنما لم

يعجبه السؤال .. قطب ما بين حاجبيه وتراجع بمقعده إلى الوراء .رأت صدراً عريضاً
يتسع لما بين السماء والأرض من تعبْ.- بدون مقدمات يا دكتورة ..أرغب في

أجازة لمدة 3 أيام . زوت هي الأخرى ما بين حاجبيها والتقيا في حيرة عجيبة ..عدلت من
جلستها و قالت :- يا أستاذ أحمد أنت تعرف الأنظمة ..شركتكم لا تسمح

بإجازة مرضية لمدة 3 أياممالم يكن هناك علة حقيقية .. سكتت قليلا ثم أضافت :- أنت
على علم بذلك ..أليس كذلك ؟ترك يده على حافة مكتبها .. أقسمت لنفسها أنها

رأت على راحة يده أكواباً موضوعة.هز رأسه كأنما يريد اقناعها بشيء لا وجود له و
قال:- هناك علة يا دكتورة .. حتما هناك علة . ثمان سنوات وأنا أعمل في

شركتنا دونملل . أنهيت فيها اجازاتي السنوية والإضطرارية ، ولكن لم يحدث يوما أنني
تغيبت عن عمليدون عذر . غالبا ما اضطر للتغيب لأعتني بأمي العجوز.

اليوم اشعر بتعب وارهاق شديدين .. شيء يتمردّ في داخلي على كل ما حولي .. أرغب في
تغيير نمط حياتي ..توقفت عند عبارته الأخيرة وقالت :- هل تستطيع

إقناعي كيف يمكن لرجل تغيير نمط حياته في 3 أيام ؟عدل من جلسته قليلا أمام
استفزازها له بسؤالها التهكمي وأجابها :- على الأقل أنا بحاجة إلى وضع تصور

جديد لحياتي المستقبلية . أريد أن أعيش حياة أخرىتختلف عما أنا عليه .هزت رأسها
مشجعة كأنما تستحثه أن لا يتوقف ولو ثانية .- هل أنت متزوج ؟ سألته .-

لا .. الى الآن لم يسعفني الوقت لأن أجد لي زوجة ، أنا آخر العنقود عند أمي
ولهذاادّخَرتُ ما بقي مني لأجلها ، أنا أعمل فترتين بينهما فاصل ساعتين ،أحرص فيهما


على تناول الغداء مع أمي والعناية بها ، وعندما أعود في المساء اكتفي بدعائها لي
وأنام .- مازال الوقت مبكرا . رجل على حافة الثلاثين يستطيع أن يجد له زوجة

بسهولة لو رغب فيذلك. بدأ يتململ في جلسته كأنما يريد النهوض.أشارت الى السرير
المقابل وطلبت من ممرضتها أن تهيئ مريضها للكشف السريري.أخذت تتصيد

نبضات قلبه بسماعتها لكنها لم تصغي لشيء . شدوّ الطيور كان طاغيا .- ألا أستحق
اجازة راحة بنظرك؟- في الحقيقة بلى ، ولكنني أتبع الأنظمة .. مبدئيا أنت لا

تشكو من شيء . قلبك سليم ..نبضكسليم . لا أجد فيك علة ظاهرة . ولا حتى زكام أو
انفلونزا !- ألا يوجد في مهنتكم بندا آخر للإجازات غير الإجازات المرضية

؟كانت تدون في ورقة الكشف اجازة راحة لمدة يومين بسبب الإجهاد الشديد . وكان
يشكرهابحرارة عجيبة وهو يوليها ظهره شطر الباب .أغمضت عينيها لبرهة غير

مصدقة ، وأقسمت لنفسها أنها رأت أنثى وكأنها الحورُالعين تتبعه كـ ظِله. مضى بضع
دقائق على استغراقها في نوبة تأنيب ضمير عنيفة . لأول مرة تتجاوز ضميرها

المهني وتمنح مريضا اجازة مرضية دون سبب ظاهر . عندما تضع رأسها على وسادتها هذا
المساء ستحاسب نفسها حسابا عسيرا ، أما الآن فلا وقت لديها لذلك .

هناك نداء عاجل لحالة طارئة .وضعت سماعتها في جيبها سريعا ، الـ blue code عبر
المايكرفون يسحبها الى غرفةالطواريء سحبا (*). كانت هناك جثة

كبيرة مغطاة يحيط بها عدد من زملائها . يبدو انها تأخرت بعض الشيء.- كيف مات ؟؟سألت
زميلتها في أسى ، لا يتناسب مع اعتيادها لهذا الحدث.- حدث كل شيء

بسرعة . لو رأيتِه وهو يهوى في ممر المستشفى كـ جبلٍ خرّ صعِقا . خرجت روحه بأسرع
من محاولاتنا لإنقاذه . يبدو انه كان مستعجلا جدا.أحست برغبة في أن

تراه فسحبت الغطاء الأبيض عن وجهه. تراجعت الى الوراء . هذه المرةلم تفلح في أن
تشهق الى الداخل . كان هو ..!لمحت طرف ورقة الإجازة في جيبه.أقسمت لنفسها أنها رأته
يبتسم لها .


© شاكي Shaki