Shakira

مجموعة قصص قصيرة نشر معظمها في جسد الثقافة مابين 2003-2005

الاثنين، صفر ١٨، ١٤٢٦

نبوءة فنجان






في الحقيقة لم أحظ بالوقت الكافي لنبذ الفكرة أو قبولها ، فقد سارعت (سناء) الى مفتاح النور وغرقت الغرفة بعدها في ظلام دامس ..
لا أدري كيف تم الأمر هكذا سريعا .. ولا من أشعلت الفكرة في رؤوسهن ...
دقائق وأشعلت احداهن شمعة وأصبح بإمكاني رؤية رؤوسنا تتمدد وتستطيل على الحائط !
كنا نتحلق حول قطعة من الورق مكتوب عليها جميع الأرقام والحروف الأبجدية مع شيء من القرآن وكلمات مبهمة لم أفهمها ..
رميت كتابي جانبا..
صار فهم المعادلات الكيمائية في الكتاب أيسر من فهم هذه الطلاسم المكتوبة على الورقة !
لم أشعر بالخوف في بداية الأمر ، فكل ما أردت معرفته هو سر هذا التجمع الغريب في غرفتي ، وسر هذه الورقة !
أمسكت (سناء) بفنجان قهوة وقلبته على سطح الورقة وبدأت تتمتم بسور من القرآن ..
حين شعرت بشيء من الخوف طمأنتنى (فاتن) بقولها : لا تخافي انها تقرأ بعض سور القرآن !
كان واضحا أنها تقرأ القرآن لغرض ما ، ولكن لماذا لم أشعر أن الغرض يتناسب مع قدسية القرآن !
لم تتسنى لي الفرصة لأسأل هذا السؤال ، فقد كن مستغرقات فيما يدور أمامهن .كانت أعينهن مصوبة على سبابة (سناء) التي وضعتها بخفة فوق الفنجان الذي بدأ بالحركة !
همست (فاتن) في أذني : الفنجان يتحرك لوحده !!!
لم أتقبل الفكرة فهززت رأسي بشدة وقلت لها : لا أصدق !
قالت : سأطلب منهن أن تقرأي أنتِ ثم تضعين سبابتك لتتأكدي من صحة كلامي ..هل تريدين أن تجربي ؟
سرت في بدني رعشة خوف وقلق من أن تكون هناك روح شريرة ساكنة في الفنجان فتسري في جسدي ، فالتزمت الصمت وكتمت انفاسي وأخذت أرقب الفنجان وهو يتحرك بعد كل سؤال تطرحه احداهن !

كانت (ناهد) قد طرحت سؤالها وبدأ الفنجان يعلو ويهبط على الورقة ليذكر اسم زوجها ..
خالد ..!!!! كان من الواضح ان خالد اسماً لرجل ... لقد سألته السؤال ناهد !
أجل ... وياللغرابة.. !!! سألت الفنجان عن اسم زوج المستقبل ؟؟؟
بعدها سألته (نهلة) عن موعد زواجها وكان الفنجان يتحرك بخفة ويتجه نحو الأرقام ويكتب 1990،،، ضحِكتُ ضحكة خفيفة لم تسمعها سوى (فاتن) وقلت لها : يبدو أن نهلة ستعنس طويلا ، فستنتظر 10 أعواما أخرى على الأقل ليحين موعد زواجها !
لكزتني فاتن بكتفها ، فقد حان دوري لأسأل ...
يا إلهي ...!
لم يكن لدي رغبة في معرفة ما سيحدث لي في المستقبل ،،، اعلم أن المستقبل بيد الله ، وكنت لا احمل أدنى رغبه في معرفة ما سيدور في أيامي القادمة ...أخذت افكر في سؤال عن المستقبل - واعتقد أن هذه هي غلطتي التي لم استطع أن اغفرها لنفسي حتى اليوم - لكنني لم أجد سؤالا ...
أحيانا أشعر انني عشت في جو غريب لا أنتمي اليه ،،، فأنا لا يهمنى ان اتلصص على الغد .. ولا أقلب فنجاني مثلهن كل صباح ، ولا اسارع لأتقرفص أمام (فوزية) لتقرأ لي فنجاني بينما تتثاءب كثيرا كما تفعل معهن وتقول : اعوذ بالله ..انت محسودة ..أنا أرى قردا في قاع الفنجان !
استغرب كيف لا ترى (فوزية) بداخل الفناجين المقلوبة ببيت المغتربات غير العرسان والجوابات والفلوس !
حقيقة الشيء الذي اردت معرفته وقتها هو حال أمي ...هل تحسنت صحتها ...؟ هل تأخذ الدواء بانتظام ..انشغالي بالمذاكرة شغلني عن الخروج الى الكابينة للإتصال بها ..؟؟
شعرت ان العيون مصوبة نحوي تستثقل صمتى فاندفعت أسأل : ايتها الروح كائنا من تكونين ..ما رأيكِ فيّ ؟؟؟؟
بعدها شعرت بخوف وقلق شديد من أن تغضب عليّ الروح التي تسكن الفنجان حين سألت سؤالا بعيدا عن الغيبيات .. حبست انفاسي وأنا اتابع الفنجان وهو يصعد ويهبط على الورقة حتى انتهى من رص كلمة لم اتوقعها ... ب ل ه ا ء
أعدت رص الحروف مرة ومرتين ...هي هي الكلمة ... لم تتغير .. بلهاء !!!
لماذا يراني بلهاء ؟؟؟؟؟ هل لأنني لم أصدق ما يقوله ... أم لأنني فعلا بلهاء !
ليكن ... لكن لا زلت لا أحمل رغبه في أن أسأله سؤالا آخر !
في الحقيقة ازعجتني الكلمة فقلت : انت فنجان أبله ... قلت ذلك في سري خوفا من أن يسمعه فيشتمنى شتيمة أكبر أمام صديقاتي ...
كنت اتضايق كلما فتحوا سيرة الفنجان وكيف انه قال عني بلهاء !
لم اتوقع ان تذكُرها (سناء) حيت التقيت بها في أحد الميادين بلندن ..كانت تحتضنني بفرح وتقول : العربية البلهاء تسيح في لندن !
ضحكت هذه المرة وانا اسحب من خلفي صغاري الثلاثة وأشير لزوجي الذي ينتظرني بكاميرته من بعيد ..
سألتها عن صديقات الغربة ..فأخبرتني أن (ناهد) ترفض كل من يتقدم لها في انتظار خالد ... وان (نهى) تعاند أبيها بشأن الزواج من خطيبها حتى يأتي العام 1990 ..
وانها اعتادت ان لا تتحرك خطوة في حياتها قبل ان تستشير الفنجان !!!
كان زوجي يشير من بعيد الى ساعة يده ..فقبلتها سريعا ومشيت !



© شاكي Shaki