Shakira

مجموعة قصص قصيرة نشر معظمها في جسد الثقافة مابين 2003-2005

الاثنين، شوال ١٢، ١٤٢٦

عيد أمّي








التقيت بزياد على السلالم و أنا في طريقي لأمي وبيدي الهدية التي غلفتها لأجلها بعناية . كان
شقيقي قد جاء الينا من غربته ليحتفل معنا بعيد الأم كعادتنا منذ أن مات أبي ، وكنت قد
أمضيت ليلتين بحثا عن هدية تناسب ذوق أمي ، فهي لا تتقبل هدايانا أنا
و شقيقتي بسهولة ، بل وتنتقد كل ما نقدمه إليها أمام زوجة زياد دون مراعاة لمشاعرنا .
تذكرت أنها قد امتدحت الطقم الصيني الذي رأيناه معا في المتجر الكبير قبل شهرين ،
وكان هذا بمثابة منجم ذهب بعد أن أضناني البحث ليلتين كاملتين عن هدية تليق بها .

أخذت نظرات زياد تتفحص الهدية المغلفة وكأنه يتوق لمعرفة ما بداخلها . لكن هذا لن يحدث
قبل أن أقبل رأسها ويديها ثم أناولها هديتي . إلا أنني حرصا على أن لا أخيب رجاءه أسررت
له عن محتويات المغلف ، وكيف توصلت اليه ، فغبطني وقال ممازحا : لو كنت أعرف لطلبت
منك أن تشتري هديتي لها. كنت مشغولا فلم أتمكن من شرائها ، فطلبت من لميس أن تفعل
ذلك .
- اها . كم أعطيتها ؟
- ألفي ريال .
قلت بعد أن أطلقت صفيرا حادا : أعرف كم هو صعب اختيار الهدايا ، لكن أي هدية بهذا
الثمن لابد أن تكون جميلة .

في مخدع أمي كنا مجتمعين ثلاثتنا مع أبنائنا فقط ، فلم تسمح بدخول زوجي أو زوج
شقيقتي اكراما لزوجة زياد . كنا نقبل رأسها و كفيها ونناولها الهدايا ونتمنى لها عيدا
سعيدا . أما زوجة زياد فقد تصدرت مجلسنا كطاووس حتى أنها لم تكلف نفسها القيام
لمصافحتي أنا وشقيقتي واكتفت بابتسامة باردة من بعيد.
و بدأ صبيتي بالسلام على جدتهم وتقبيل يدها ، ثم تلاهم صبية شقيقتي ، ثم صبية شقيقي
بالتناوب وهي تبتسم للجميع في سعادة . لم أقاوم لهفتي في تقديم هديتي تكفيرا عن هدية
العيد السابق ، فقد أهديتها غطاء سرير من الدانتيل ، كلفني 500 ريال ، لكنها لم تشعر
نحوه بالميل مطلقا ، علمت بذلك عندما أهدته لعمتي في الصيف ، إلا أنه سرعان ما قفزت
لميس الى سريرها لتقدم هديتها التي أصابتني بالخرس . لم أصدق أن اناء خزفيا كالذي رأيته
عند جارتي يمكن أن يكلف ألفي ريال ، فقد اشترته جارتي بـمئتي ريال فقط !

في اليوم الثاني كانت أمي تتفحص الإناء الخزف وطقم الشاي وعقد اللؤلؤ المصنّع وهي تقول
وكأنها تتحدث الى نفسها : ما أجمل ذوق زياد . أنظري هذا الإناء الفاخر لن يقل ثمنه عن
ثلاثة آلاف ريال . سأضعه على الطاولة في الصالون ليستمتع بجماله الأخاذ ضيوفنا .
قررت عندئذ أن أكسر حاجز الصوت وأخترق حديثها الى نفسها فقلت : هل أعجبك طقم الشاي
يا أمي ؟ بدت وكأنها لا تسمعني فقد نهضت من مقعدها و قالت : هيا لتساعديني
لأضع تلك التحفة الجميلة في مكانها بالصالون !



* نُشرت قبل مدة في جسد الثقافة
__________________

© شاكي Shaki