Shakira

مجموعة قصص قصيرة نشر معظمها في جسد الثقافة مابين 2003-2005

الاثنين، صفر ١٨، ١٤٢٦

على هذا أوقع






كل شيء توقفَ عنِ البكاء !..
قلبي / رحمي / الطفل الذي طالما أصغيت لبكائه في الليل!..
كان يناديني : ماما ..ماما .. حليب !..
فأستيقظْ !..

أذكرُ أنِّي كنت في حفل تخرجي (مشغولة) بـ من سيوقظ رعشة الربيع في أركاني المعشوشبة ..
كنتُ قطة ملتهبة يكاد يلامس مواءها آذان السماء..
وكانوا (مشغولون) بـ من يليق باسمهم/ عائلتهم / بطاقاتهم ..


الكل (منشغلْ) بتصفيفِ المكانْ لـ سيدةً اربعينيةً صارتْ قراراتُ حضور وغياب المعلمات بيدها ! ..
كل يوم أوقِّع على طلبْ استئذان / أمْ طفلها مريض / معلمة زوجها في نقاهة عملية جراحية / إجازة أمومة /
آه .. تُتْعِبْ هذهِ الإجازاتْ .. يستغرق التوقيع مني دهرا من الآهات ..!..
وعلى هذا أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..
أوقِّعْ!..

بينما همْ (مشغولون) بـ مناسبة تنصيبي مديرة لـ مدرسة حقيرة في مدينة صغيرة !..
هناك من كان (مشغولا) بـ من يليقُ بمنصبي الجديد/ بإسمي / ورصيدي في البنك !



© شاكي Shaki

مسغَبة







تركت صينية الشاي أمامه واستدارت ..كان وقتها يتحسس نتوء بطنه الكبير .. وفيه ما لذ وطاب!
مازال جائعا لشيء ما .. لا يشعر بالشبع الا إذا !
دائما مشدود كوتر على لوح بين مسمارين!
دائما يجوع .. لا يشبع الا باثنتين .. واحدة مَشبَعة والأخرى مَسغَبة ..!
كالماء رقراقة.. شهية كتفاحة !

ايتها العاصية لسيدك.. المارقة عليه.. المغرورة بكِ
متى تتنازلين وتحطين من عليائك وتجوعين اليّ كما يجوع العبد لسيده ...!
أهكذا كلام يقال للجميلات وللغيد ؟
لعنة الله على لسان لا يعرف كيف يخرج العسل من خلية النحل.. ياليت أن نحله لدغتها فتفر بين ذراعيه !
يا فاتنتي .. يا حلوتي
يا بنت الناس تعالي وأشعلي بكِ ترف الظهيرة
يا شهية .. يا حبة كرز !
لا تريد الكلمات ان تخرج أبعد من لهاته ولا ان تبرح شفتيه

"عيب .. كيف تشكمها بعدين لو عرفت انك تعشقها وأنك تموت فيها..؟"
" كدا المرة تركبك وتدلدل ..لو علمت أنك تعشقها" قالها صديق عر بجي!

أدارت اليه وجهها في دلال .. تتكسر على رموشها أمواج شهوته
"طلبت مني شيئا ؟"
"ممم لا سلامتك "
لعنة الله على ملائكة لا تلعن هذا الجنس النمرود!
كم يتمنعن وهن الراغبات ..!

يتوقف عن اللعن ويخور مع الجميلات على الشاشة أمامه
لن تفسد تلك الـ تفاحة الملعونة تدفق أنهار رجولته فوق أجساد الفاتنات كل ظهيرة!!

© شاكي Shaki

سعـــــــــــــــار





مثيرة ودافئة
تحمل في طياتها وعوداً بليلةٍ حمراء تحت ستائر الدانتيل وجسد الحنطة!
"الفاجرة" .. يحلو له ان يناديها كذلك.!..
يتحسسها بأصابعه .. يتأمل نعومتها .. طراوتها .. وقبل كل شيء شبقيتها ..!..
شهية وغامضة كسندباد مسحور تستدرجه الى محيطات زرقتها
يلعق شفتيه ويدنيها من فمه .. تتجاوب معه وتسلمه نفسها ..!
يهوي بها الى واد سحيق .. ويشتعل !..
سعــــــــــــار
يتسلل الى غرفة نومه ..يخلع دشداشته وينزلق في سريره ،
كانت مستغرقة في نومها كأميرة البحار السبعة !
يحاول ايقاظها .. تعطيه ظهرها .. يحاول مرة أخرى
لا يريد أن يتسرب من سعاره مفعول الحبة..
نسي ان أميرته ليست حبة !

© شاكي Shaki

نبوءة فنجان






في الحقيقة لم أحظ بالوقت الكافي لنبذ الفكرة أو قبولها ، فقد سارعت (سناء) الى مفتاح النور وغرقت الغرفة بعدها في ظلام دامس ..
لا أدري كيف تم الأمر هكذا سريعا .. ولا من أشعلت الفكرة في رؤوسهن ...
دقائق وأشعلت احداهن شمعة وأصبح بإمكاني رؤية رؤوسنا تتمدد وتستطيل على الحائط !
كنا نتحلق حول قطعة من الورق مكتوب عليها جميع الأرقام والحروف الأبجدية مع شيء من القرآن وكلمات مبهمة لم أفهمها ..
رميت كتابي جانبا..
صار فهم المعادلات الكيمائية في الكتاب أيسر من فهم هذه الطلاسم المكتوبة على الورقة !
لم أشعر بالخوف في بداية الأمر ، فكل ما أردت معرفته هو سر هذا التجمع الغريب في غرفتي ، وسر هذه الورقة !
أمسكت (سناء) بفنجان قهوة وقلبته على سطح الورقة وبدأت تتمتم بسور من القرآن ..
حين شعرت بشيء من الخوف طمأنتنى (فاتن) بقولها : لا تخافي انها تقرأ بعض سور القرآن !
كان واضحا أنها تقرأ القرآن لغرض ما ، ولكن لماذا لم أشعر أن الغرض يتناسب مع قدسية القرآن !
لم تتسنى لي الفرصة لأسأل هذا السؤال ، فقد كن مستغرقات فيما يدور أمامهن .كانت أعينهن مصوبة على سبابة (سناء) التي وضعتها بخفة فوق الفنجان الذي بدأ بالحركة !
همست (فاتن) في أذني : الفنجان يتحرك لوحده !!!
لم أتقبل الفكرة فهززت رأسي بشدة وقلت لها : لا أصدق !
قالت : سأطلب منهن أن تقرأي أنتِ ثم تضعين سبابتك لتتأكدي من صحة كلامي ..هل تريدين أن تجربي ؟
سرت في بدني رعشة خوف وقلق من أن تكون هناك روح شريرة ساكنة في الفنجان فتسري في جسدي ، فالتزمت الصمت وكتمت انفاسي وأخذت أرقب الفنجان وهو يتحرك بعد كل سؤال تطرحه احداهن !

كانت (ناهد) قد طرحت سؤالها وبدأ الفنجان يعلو ويهبط على الورقة ليذكر اسم زوجها ..
خالد ..!!!! كان من الواضح ان خالد اسماً لرجل ... لقد سألته السؤال ناهد !
أجل ... وياللغرابة.. !!! سألت الفنجان عن اسم زوج المستقبل ؟؟؟
بعدها سألته (نهلة) عن موعد زواجها وكان الفنجان يتحرك بخفة ويتجه نحو الأرقام ويكتب 1990،،، ضحِكتُ ضحكة خفيفة لم تسمعها سوى (فاتن) وقلت لها : يبدو أن نهلة ستعنس طويلا ، فستنتظر 10 أعواما أخرى على الأقل ليحين موعد زواجها !
لكزتني فاتن بكتفها ، فقد حان دوري لأسأل ...
يا إلهي ...!
لم يكن لدي رغبة في معرفة ما سيحدث لي في المستقبل ،،، اعلم أن المستقبل بيد الله ، وكنت لا احمل أدنى رغبه في معرفة ما سيدور في أيامي القادمة ...أخذت افكر في سؤال عن المستقبل - واعتقد أن هذه هي غلطتي التي لم استطع أن اغفرها لنفسي حتى اليوم - لكنني لم أجد سؤالا ...
أحيانا أشعر انني عشت في جو غريب لا أنتمي اليه ،،، فأنا لا يهمنى ان اتلصص على الغد .. ولا أقلب فنجاني مثلهن كل صباح ، ولا اسارع لأتقرفص أمام (فوزية) لتقرأ لي فنجاني بينما تتثاءب كثيرا كما تفعل معهن وتقول : اعوذ بالله ..انت محسودة ..أنا أرى قردا في قاع الفنجان !
استغرب كيف لا ترى (فوزية) بداخل الفناجين المقلوبة ببيت المغتربات غير العرسان والجوابات والفلوس !
حقيقة الشيء الذي اردت معرفته وقتها هو حال أمي ...هل تحسنت صحتها ...؟ هل تأخذ الدواء بانتظام ..انشغالي بالمذاكرة شغلني عن الخروج الى الكابينة للإتصال بها ..؟؟
شعرت ان العيون مصوبة نحوي تستثقل صمتى فاندفعت أسأل : ايتها الروح كائنا من تكونين ..ما رأيكِ فيّ ؟؟؟؟
بعدها شعرت بخوف وقلق شديد من أن تغضب عليّ الروح التي تسكن الفنجان حين سألت سؤالا بعيدا عن الغيبيات .. حبست انفاسي وأنا اتابع الفنجان وهو يصعد ويهبط على الورقة حتى انتهى من رص كلمة لم اتوقعها ... ب ل ه ا ء
أعدت رص الحروف مرة ومرتين ...هي هي الكلمة ... لم تتغير .. بلهاء !!!
لماذا يراني بلهاء ؟؟؟؟؟ هل لأنني لم أصدق ما يقوله ... أم لأنني فعلا بلهاء !
ليكن ... لكن لا زلت لا أحمل رغبه في أن أسأله سؤالا آخر !
في الحقيقة ازعجتني الكلمة فقلت : انت فنجان أبله ... قلت ذلك في سري خوفا من أن يسمعه فيشتمنى شتيمة أكبر أمام صديقاتي ...
كنت اتضايق كلما فتحوا سيرة الفنجان وكيف انه قال عني بلهاء !
لم اتوقع ان تذكُرها (سناء) حيت التقيت بها في أحد الميادين بلندن ..كانت تحتضنني بفرح وتقول : العربية البلهاء تسيح في لندن !
ضحكت هذه المرة وانا اسحب من خلفي صغاري الثلاثة وأشير لزوجي الذي ينتظرني بكاميرته من بعيد ..
سألتها عن صديقات الغربة ..فأخبرتني أن (ناهد) ترفض كل من يتقدم لها في انتظار خالد ... وان (نهى) تعاند أبيها بشأن الزواج من خطيبها حتى يأتي العام 1990 ..
وانها اعتادت ان لا تتحرك خطوة في حياتها قبل ان تستشير الفنجان !!!
كان زوجي يشير من بعيد الى ساعة يده ..فقبلتها سريعا ومشيت !



© شاكي Shaki

غالية






ما تزال قطرات الماء تتصبب من خصلات شعرها وجسدها نصف العاري مخبوء خلف باب الحمام الموروب ..
سحبت فوطتها الأخرى ثم انحنت برأسها الى الأمام ليتدلى منه شعرها الطويل ..
لفته بالفوطة ودعكته بقوة لتمتص منه الماء .. كان عليها أن تنجز حمامها سريعا قبل وصول زوجها من سفره..
هذه المرة رفعت رأسها بقوة الى الخلف وبذلت جهدا في تثبيت فوطتها فوق رأسها
الفوطة والأقراط التي تدلت على جانبي الرأس الجميل صنعت مشهدا مثيرا ..

لمحت قدميه عند عتبة الباب فافترت شفتيها عن ابتسامة شهية ..
صاحت دون ان تلتفت الى النافذة الصغيرة الملتصقة بسور بيت الجيران : يا هلا ..!
دنت منه وحدقت في وجهه وصاحت مرة أخرى
- حبييييبي ..
كررتها مرات ومرات وهي تلثم وجنتيه بشفتيها الرطبتين وصوتها يعلو أكثر فأكثر
- حبيييييبي عمري .. تأخرت عليك ..!
- جائع حبيبي ؟؟؟ سألته مرارا
وقبلته مرة ثم مرة ثم مرة !
ثم في حنان أعادت الكرة تلو الكرة !
ضمته الى صدرها في ضراعة وكأنها تعتذر اليه عن غيابها الطويل في حمامها !
سحبته لصدرها الوسادة وضمته ، ثم عطرت رئتيها بشيء من عبير شعره الغزير واتجهت معه نحو المطبخ..
فتحت علبة النيدو وشرعت تصنع له الحليب بينما كان ينظر اليها جزلا من فوق كرسيه الصغير !
كان رضيعها يشرب الحليب وتشرب الفرح من عينيه !

في اليوم التالي كان الحي يتهامس بحكاية (غالية) التي تلتقي كل يوم بعشيقها في الحمام وزوجها غائب !



© شاكي Shaki